سنعدد جملة من الآداب التي ينبغي للموالي أن يراعيها في عاشوراء ، حيث تنقسم الآداب إلى قسمين:
1- آداب باطنيّة.
2-آداب ظاهريّ
* الآداب الباطنيّة:
1-الصبر: عن أمير المؤمنين عليه السلام: “الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد، من لا صبر له لا إيمان له”(1). في أيّام محرّم، ننوي أن نكتسب صفة الصبر تأسّياً بالحسين عليه السلام وصبره، يقول عليه السلام: “صبراً على قضائك يا رب، لا إله سواك، يا غياث المستغيثين، ما لي رب سواك ولا معبود غيرك، صبراً على حكمك، يا غياث من لا غياث له…” (2).
2-العزّة والإباء: إنّما جاء الإسلام ليكون الإنسان عزيزاً متحرّراً من قيود النفس والهوى. يقول الإمام الحسين عليه السلام: “لا والله، لا أعطيهم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ إقرار العبيد”(3).
3-الوفاء: يشرق الإيمان في قلب الإنسان فيتحوّل إلى نور ينعكس بسلوكه، فها هم أصحاب الحسين عليه السلام وقد أدركوا أنّهم إن ناصروا الحسين عليه السلام سيستشهدون، ومع ذلك قالوا له: “والله لا نفارقك، ولكن أنفسنا لك الفداء ونقيك بنحورنا وجباهنا وأيدينا…” (4).
4- الثقة بالله: أن يدرك المؤمن أن بيد الله كلّ شيء، وأنّه قادر على كلّ شيء، وأنّ بيده نفعه وضرّه. عن الإمام الحسين عليه السلام: “اللهمّ أنت ثقتي في كلّ كرب، وأنت رجائي في كلّ شدّة، وأنت لي في كلّ أمر نزل بي ثقة وعدّة، كم من همّ يضعف فيه الفؤاد…”(5).
5- عدم الخوف من الموت: عندما يدرك الإنسان أنّ هذه الدنيا فانية وأنّ لقاء الله أمرٌ محتوم وأنّ الموت طريق إلى الجنّة والراحة من الدنيا، يقول الإمام الحسين عليه السلام: “لست أخاف الموت. إنّ نفسي لأكبر من ذلك…”(6).
6-عشق الله: إنّ طريق الإنسان في الحياة هي أن يصل إلى الله ورضاه. وحبّ الله وعشقه غاية حتّى السالك إلى الله وعنده يهون كلّ شيء. يقول الإمام الحسين عليه السلام متمثّلاً بهذين البيتين من الشعر:
“إلهي تركت الخلق طرّاً في هواكا , وأيتمت العيال لكي أراكا , فلو قطعتني في الحب إرْباً , لما مال الفؤاد إلى سواكا”.
* الآداب الظاهريّة:
1- لبس السواد: لو فقد الإنسان عزيزاً فإنّ العرف لا يرضى إلّا أن يظهر الحزن، وأحد مظاهر الحزن لبس السواد، وهل هناك أعزّ من الحسين عليه السلام ونحن نقول له: “بأبي أنت وأمّي يا أبا عبد الله“.
2- إظهار الحزن: بكلّ وسيلة متاحة من خلال رفع الآيات وتعزية المؤمنين بعضهم بعضاً. عن الإمام الرضا عليه السلام: “كان أبي (صلوات الله عليه) إذا دخل المحرّم لا يرى ضاحكاً وكانت الكآبة تغلب عليه”(7).
3-البكاء: إنّ البكاء على الحسين أحد أهمّ الوسائل التي تساعد في الحصول على الآداب الباطنيّة التي تقدَّم ذكرها، فإنّ الدمعة قمّة العاطفة التي يُسقى من خلالها القلب بصفات المبكي عليه وهو الحسين وأهل بيته عليهم السلام. فعن الإمام الرضا عليه السلام: “فعلى مثل الحسين عليه السلام فليبكِ الباكون فإنّ البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام”(8).
4- حضور مجالس الحسين عليه السلام: الحضور المباشر، وعدم الاكتفاء بالمشاهدة عبر التلفاز أو المسجّل، بل لا بدّ من قصد وحضور المجالس والتوجّه إليها مباشرة، وهذا أقلّ الوفاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومواساة عترته.
5-ذكر عطش الحسين عليه السلام: فقد نُسب إلى الإمام الحسين عليه السلام قولٌ: “شيعتي ما إن شربتم عذب ماء فاذكروني… أو سمعتم بغريبٍ أو شهيدٍ فاندبوني”(9). فإنّ ذكر الحسين عليه السلام عند شرب الماء ولعن قاتله له من الثواب عظيم الأجر وجزيل الثواب. فقد ورد عن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام (الصادق) إذ استسقى الماء، فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه، ثمّ قال لي: “يا داود، لعن الله قاتل الحسين، إنّي ما شربت ماء بارداً إلا ذكرت الحسين عليه السلام، وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام وأهل بيته ولعن قاتله إلّا كتب الله عزّ وجلّ له مئة ألف حسنة، وحطّ عنه مئة ألف سيّئة، ورفع له مائة ألف درجة، وكأنما أعتق مئة ألف نسمة، وحشره يوم القيامة ثلج الفؤاد”(10).
هذه أهم الآداب الباطنيّة والظاهريّة التي لو نوى المحبّ التلبّس بها وتحويلها إلى سلوك في حياته؛ لنال السعادة في الدنيا والآخرة.
والأهم، لك أيّها المحبّ للحسين عليه السلام، أن تراقب نفسك في عاشوراء، وتجعل منها في كلّ عام وُفّقت فيه للمواساة، محطّة تقرّبك خطوة إلى الحسين عليه السلام في المعرفة والسلوك.
فالحسين سفينة النجاة، عظّم الله أجوركم