كان أوّل مولود زكيّ للسيّدة أمّ البنين هو سيّدنا المعظّم أبو الفضل العباس (ع)، وقد ازدهرت يثرب، وأشرقت الدنيا بولادته وسرت موجات من الفرح والسرور بين أفراد الأسرة العلوية، فقد ولد قمرهم المشرق الذي أضاء سماء الدنيا بفضائله ومآثره، وأضاف إلى الهاشميين مجداً خالداً وذكراً نديّاً عاطراً.
وحينما بُشِّر الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بهذا المولود المبارك (أبو الفضل العباس (ع)، سارع إلى الدار، فتناوله وأوسعه تقبيلاً، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى. لقد كان أوّل صوت قد اخترق سمعه صوت أبيه رائد الإيمان والتقوى في الأرض، وأنشودة ذلك الصوت.
” الله أكبر… “.
” لا إله إلاّ الله “.
وارتسمت هذه الكلمات العظيمة التي هي رسالة الأنبياء، وأنشودة المتّقين في أعماق أبي الفضل، وانطبعت في دخائل ذاته. حتى صارت من أبرز عناصره، فتبنى الدعوة إليها في مستقبل حياته، وتقطّعت أوصاله في سبيلها.
وفي اليوم السابع من ولادة أبي الفضل (ع)، قام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بحلق شعره، والتصدّق بزنته ذهباً أو فضّة على المساكين وعقّ عنه بكبش، كما فعل ذلك مع الحسن والحسين (ع) عملاً بالسنّة الإسلامية.
سنة ولادته:
أفاد بعض المحقّقين أن أبا الفضل العباس (ع) وُلد سنة 26 هـ في اليوم الرابع من شهر شعبان.
تسميته:
سمّى الإمام أمير المؤمنين (ع) وليده المبارك بالعباس، وقد استشفّ من وراء الغيب انه سيكون بطلاً من أبطال الإسلام، وسيكون عبوساً في وجه المنكر والباطل، ومنطلق البسمات في وجه الخير. وكان كما تنبّأ فقد كان عبوساً في ميادين الحروب التي أثارتها القوى المعادية لأهل البيت (عليهم السلام). فقد دمّر كتائبها وجندل أبطالها، وخيّم الموت على جميع قطعات الجيش في يوم كربلاء، ويقول الشاعر فيه:
عبست وجوه القوم خوف الموت والعبّاس فيهـم ضاحـك متبسّم
كنيته:
وكُنِّي سيّدنا العبّاس (عليه السلام) بما يلي:
1- أبو الفضل:
كُنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه الفضل، ويقول في ذلك بعض من رثاه:
أبا الفضل يا من أسّس الفضل والإبا أبى الفضل إلاّ أن تكون له أبا
وطابقت هذه الكنية حقيقة ذاته العظيمة فلو لم يكن له ولد يُسمّى بهذا الإسم، فهو- حقّاً- أبو الفضل، ومصدره الفياض فقد أفاض في حياته ببرّه وعطائه على القاصدين لنبله وجوده، وبعد شهادته كان موئلاً وملجأً لكل ملهوف، فما استجار به أحد بنيّة صادقة إلاّ كشف الله ما ألمّ به من المحن والبلوى.
2- أبو القاسم:
كُنّي بذلك لأنّ له ولداً اسمه القاسم وذكر بعض المؤرّخين أنّه استشهد معه يوم الطفّ، وقدّمه قرباناً لدين الله، وفداءً لريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله.
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية