عيد الغدير هو عيد الله الاكبر ، عيد الولاية العظمى والخلافة الكبرى ، عيد تنصيب أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الثامن عشر من ذي الحجة .
فيوم الغدير حاز على عناية ربانية منقطعة النظير لم يحزها اي حدث آخر ؛ وكذا حاز على عناية نبوية رسالية معدومة الشبيه ، وكل هذا يظهر من خلال الرباعية الآتية :
الأولى : التدعيم النبوي والحشد النصي :
فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يدعم تنصيب أمير المؤمنين لأمر الخلافة والولاية بالنصوص الكثيرة التي كانت تنطلق من لسانه الشريف في كل الظواهر الحياتية المعاشة وذلك بالدلالتين المطابقية والالتزامية !!
فإذا كان الإمام علي عليه السلام ماشيا يقول فيه قولا ، وإذا كان على المائدة يقول بحقه قولا، وإذا كان في حرب يقول فيه قولا ، وهكذا في الزواج والحج والقضاء والعبادة وعند الإخبار عن المستقبل ، وحال الحضور وحال الغياب .
الثانية : [المبتدأ ]:
فقد اعتنى الله المتعال بعيد الغدير والولاية عناية خاصة من خلال قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ۖ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } .
و هنا حرص إلهي واضح من خلال أربع نقاط:
الأولى : [بلغ] : أي أوصل للناس ما أمرتك به , لأن التبليغ هو الإيصال .
الثانية : [ما انزل إليك من ربك] , أي أن هذا البلاغ هو من عند الله ، أي أن الله أمرك يا أيها الرسول بأن تقوم بتبليغ الناس بأن الله المتعال إختار عليا خليفة عليكم وأميرا للمؤمنين من بعد .
الثالثة : [وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ] أي كل جهدك وجهادك وصبرك وأفعالك وأعمالك تضيع سدى وتتلاشى وتصبح عدما . الرابعة : [والله يعصمك من الناس] : هنا حيطة الهية على هذا الأمر !! فالله المتعال هو الذي يحصن هذا البلاغ وهذا التنصيب بعد تأسيسه وتشييده !! أي أن الله المتعال كما أنني أسست هذا التنصيب لعلي عليه السلام وشيدته أحصنه وأحيطه بالعناية التامة منعا من إفشاله !!
الثالثة : المجريات :
فمجريات التنصيب والبيعة ونقطة الاجتماع والمناخ الحار ، وإرجاع الحجيج بعد تخطي مفترق الطريق ، والحجة الفريدة والوحيدة ، والخطبة الوداعية ، والسكوت هنيهة بحثا عن علي عليه السلام ، واستدعاء شخصه الكريم، وإصعاده ليراه كل الجمع ، ورفع يده ، وإشهاد الناس أنه صلى الله عليه وآله وسلم أولى بهم من أنفسهم ، ونقل هذه الأولوية والأحقية بعبارة [من كنت مولاه فهذا عليه مولاه], إلى علي عليه السلام ، والدعاء لمن والاه وعلى من عاداه ، ثم تهنئة الناس ، بعد نصب خيمة البيعة والولاية ، إضافة إلى بث هذا الحدث عبر الإذاعة الرسمية – أي عبر الشاعر حسان بن ثابت – انذاك على الإسماع مباشرة ،
نعم كل هذه المجريات تدل بما لا يدع للشك مجالا إنها كانت تنصيبا سياسيا إلزاميا واضح المعالم لأمرة المسلمين ، ولا يمكن إنصراف الذهن إلى أي معنى آخر لا إلى التشريف ولا إلى الترشيح كما قال أحدهم بأن الغدير يدل على أن علياً عليه السلام يصلح لأن يكون مرشحا للخلافة ولا يدل على التنصيب الالزامي !!
الرابعة : [المنتهى] :
فقد انتهت بيعة الغدير وتنصيب أمير المؤمنين عليه السلام برباعية قرآنية لا لبس فيها وإن حاولوا طمس معالمها من خلال جعلها في سياق الآيات التي تتحدث عن فقه اللحوم ، والتي إن رفعناها لبقي السياق القرآني كما هو بلا تزلزل ولا خلل !!
فقد قال الله المتعال : { الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ ۚ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ ٌ} . فهي هنا الرباعية تتحدث عن:
1- يأس الكفار من النيل من الدين ببركة الولاية .
2- إكمال الدين ببركة الولاية .
3 – إتمام النعمة ببركة الولاية .
4 – إرتضاء الإسلام كدين صحيح ببركة الولاية .
بقلم توفيق حسن علوية , كاتب وباحث من لبنان