درس السيد الشهيد الصدر الثاني الدروس التالية على أيدي جهابذة من الأساتذة والعلماء وكما يلي:
1 ــ (الفلسفة الإلهية) على يد الشيخ محمد رضا المظفر.
2 ــ (الأصول والفقه المقارن) على يد السيد محمد تقي الحكيم.
3 ــ (الفقه) على يد الشيخ محمد تقي الايرواني.
تخرج من كلية الفقه سنة (1383 ــ 1964) ضمن الدفعة الأولى من خريجي كلية الفقه.
دراسته لمرحلة السطوح
دخل مرحلة السطوح العليا حيث درس كتاب (الكفاية) للشيخ محمد كاظم الخراساني الأخوند على يد السيد الشهيد الصدر الأول، وبعض كتاب (المكاسب) للشيخ مرتضى الانصاري على يد السيد محمد تقي الحكيم، وقد كان لدراسته عند هذين العلمين الأثر الأكبر في صقل ونمو موهبته العلمية التي شهد له بها أساتذته أنفسهم، ثم أكمل دراسة كتاب (المكاسب) عند الشيخ (صدر الباكوبي) الذي كان من مبرزي الحوزة وفضلائها ويتصف بالورع والصدق في حياته، ثم ارتقى إلى مدارج البحث الخارج، فحضر بحث الخارج الأصول للسيد الشهيد محمد باقر الصدر. كما حضر أيضاً بحث الخارج عند المحقق الأستاذ الخوئي، وقد استفاد من هذا الحضور في الاطلاع على آراء المحقق الأستاذ الخوئي ومناقشتها فيما بعد.
دراسته لمرحلة البحث الخارج
أما أساتذته في بحث الخارج فقهاً وأوصولاً فهم:
1 ــ السيد الشهيد محمد باقر الصدر (قده)، دورة أصولية كاملة وكتاب الطهارة.
2 ــ السيد المحقق الأستاذ الخوئي (قده)، دورة أصولية كاملة وكتاب الطهارة.
3 ــ الإمام الخميني (قده) في كتاب المكاسب.
4 ــ السيد محسن الحكيم (قده)، كتاب المضاربة.
الإجازات الممنوحة له في حق الرواية
أما اجازته في الرواية، فقد سئل (قده) في أحد الاستفتاءات الموجهة إليه، فكان جوابه أن له اجازة من عدة مشايخ، أعلاها من آية الله ملا محسن الطهراني صاحب كتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) أعلى مشايخه هو الميرزا حسين النوري صاحب كتاب (مستدرك الوسائل)، ومنهم أيضاً والده السيد الحجة محمد صادق الصدر، وخاله الشيخ مرتضى آل ياسين، وابن عمه آية الله السيد أغا حسين خادم الشريعة، والسيد عبد الرزاق المقرم صاحب كتاب (مقتل الحسين)، وآية الله السيد حسين الخرسان، وآية الله السيد عبد الأعلى السبزواري، والدكتور حسين علي محفوظ وغيرهم.
تحصيله للإجتهاد
أجيز بالاجتهاد من قبل أستاذه السيد الشهيد الصدر، وفي سنة (1369 ــ 1977) طلب الطلبة الفضلاء من السيد محمد الصدر أن يباحثهم خارجاً، وكان يبلغ من العمر (24 عاماً). وقد سألوا السيد الشهيد محمد باقر الصدر عن ذلك فبارك لهم وشجعهم وذكر لهم تمام الأهلية للسيد محمد الصدر، وقد اتفقوا على أن تكون مادة البحث الخارج في الفقه الاستدلالي في كتاب (المختصر النافع) للمحقق الحلي لأنه فقه كامل ومختصر في نفس الوقت، فبدأ يباحث خارجاً لأول مرة من أول الكتاب (باب الطهارة)، إلا أن الظرف في ذلك الوقت لم يخدمه فتفرق الطلاب وانقطع البحث، وقد دام هذا البحث قرابة أربعة أشهر وكان يلقي الدرس في مسجد الطوسي آنذاك.
ثم عاد (رحمه الله) لإلقاء بحث الخارج في سنة (1410 ــ 1990) ولكن هذه المرة على كتاب (الشرائع) للمحقق الحلي (باب كتاب الصلاة)، وبقي إلى آخر يوم من عمره الشريف يلقي بحثه على طلبة البحث الخارج اضافة إلى القاء محاضراته في تفسير القرآن الكريم يومي الخميس والجمعة من كل اسبوع، اضافةإلى أيام التعطيل الدراسي. وقد تميزت محاضراته بروح التجدد والجرأة في نقد الآراء وتفنيدها فلقد خرق عادة المفسرين في تفسير القرآن الكريم من سورة الفاتحة مبتدئاً بالعكس من سورة الناس، وهو منهج في البحث لم يسبق إليه سابق.
ومما يُؤْثَر دوره على المسيرة العلمية كما يلي:
1 ــ اطلاعه على آراء أربع من أشهر المجتهدين هم السيد الشهيد الصدر والمحقق الخوئي والسيد محسن الحكيم والإمام الخميني.
2 ــ تميز أستاذه الشهيد الصدر الأول بالتجديد في الأصول، وهذا يعني أن سماحته قد حمل بلاشك من هنا التجديد.
نشاطه الديني والسياسي
أولاً: بدأ نشاطه السياسي بشكل متدرج خوفا من التصفية المبكرة له من قبل جلاوزة النظام السابق.
ثانياً: بدأ بالتحريض على الدعوة الى الدين الحق والتقوى والورع والزهد في الدنيا وقد كان ذلك واضحاً لدى كل من كان يزوره فبدأ كأنه نشاط اجتماعي.
عمالقة الفكر والثقافة والمواجهة في البيت الصدري
لقد كان الشهيد الصدر الثاني عند أعلى درجات الفكر والثقافة وليس في ذلك غرابة، فلقد تعودنا أن نجد في هذا البيت الصدري الشريف العلم والجهاد ولقد أنجب هذا البيت عَلَمَيْنِ عِمْلاقَيْن في وقت كان الناس أحوج مايكونوا اليهما، وماكان من سقوط الدكتاتورية إلاّ ثمرة واحدة من ثمار الشهادة.
قائد شعبي في الزمن الصعب
لقد كان هذا الرجل الشهيد ( الصدر الثاني ) قائدا شعبياً وتلميذاً نجيباً من تلامذة أهل البيت عليهم السلام، وكان علماً بارزاً قل نظيره في ذلك الزمن الصعب زمن الشح والتصحر الذي ظهر فيه الفساد.
بناء خط جديد للمرجعيه الشعبية
بدأ منذ اوائل ايامه بالتمهيد لبناء شخصية مرجعية جماهيرية شعبية وخط جديد في الحوزة العلمية يعمل في صفوف المجتمع.
مرجعية الثورة والحركة ضد قوى الدكتاتورية والإستبداد
لقد كانت إمامة الشهيد في مسجد الكوفة الكبير للناس تعبيراً عن إنعطاف في تأريخ العراق الحديث ومسيرته النضالية، ومولداً لمرجعية الثورة والحركة ضد الاستبداد والدكتاتورية، وخرقا للخطوط الحمراء التي طبعها النظام الدكتاتوري مع الجماهير.. وكانت شهادته رضوان الله عليه عام 1997 هزة حقيقية للنظام الدكتاتوري الذي أرعبته الحركة الجماهيرية للشهيد ولم يكن ذلك النظام قادراً على الإفصاح بكرهه لها ولدوره العظيم.
إقامتة لصلاة الجمعة في مسجد الكوفة
أقام السيد الصدر الثاني صلاة الجمعة في مسجد الكوفة وآثار الموضوع الكثير من اللغط بين مؤيد معارض ومتخوف من الموضوع والتزمت الدولة صفة الصمت فعزمت لعديد من المرجعيات على اثارة الشبهات حول الشهيد الصدر كون الوضع كان مستحيل الحدوث في نظر الكثير وبالفعل استمرت صلاة الجمعة الى العشرة الاولى او ما بعدها بقليل حتى ابتدأت السلطة بمضايقة الشهيد الصدر من خلال التهديد والتحذير من الاستمرار باقامتها من خلال العديد من الحجج الواهية اولها التهديد للامن الاجتماعي واحتمال مهاجتمها من خلال عملية ارهابية في الوقت الذي لم يشهد العراق فيه وجود اي نوع من النشاط الارهابي انذاك.
خطبة الجمعة وحاجة الناس الى قيادة جريئة
لقد تَتَلمَذَتْ الطبقة المثقفة والمحرومة على يد هذا الرجل الإصلاحي عند كل جمعة يخطب فيها متفاعلاً مع الجماهير ومتحركاً عبر رسائله العملية التي أبدع فيها.. ولقد شكلت مؤلفاته في الفقه وفي شؤون الحياة المختلفة وفي المستجدات عصراً جديداً من المحاولات الفكرية الجادة لفهم موضوعي متحضر للإسلام ومنطلقاته المبدئية كما ظهر ذلك من خلال كتبه الموسومة كفقه الفضاء وفقه الطب وغيرها والتي شاع قرائتها، وليجيب على أهم التساؤلات في وقت عسير كان الناس فيه أشد حاجة لسماع فتاواه الجريئة.
منبر الجمعة بداية الثورة البيضاء
لقد وقف السيد محمد صادق الصدر شامخاً على منبر الجمعة يتكلم بقوة ومعه الملايين من عشاق الحرية.. وأكتظ مسجد الكوفة بأهل المبادئ من مختلف أطياف شعبنا العراقي المظلوم الذي شهد بداية ثورة بيضاء بعد ماشهد الانقلاب الشعبي ضد أعتى الدكتاتوريات التي حكمت المنطقة العربية والشرق اوسطية.
الصدر الثاني وجه المرجعية في مواجهة الطغاة
لقد أثبت هذا الرجل الفذ من خلال مواقفه الشجاعة أن المرجعية قادرة على أن تنجب رجلاً ومرجعاً شجاعاً مثله يتحدى جبابرة عصره ومعه فئة من تلاميذه النجباء دون أن يجرح مشاعر الآخرين فهو حسيني الهوى ناب عن جميع من كان حوله من العلماء الصالحين.
انتقاده للحكومة والدولة للنظام السابق
انتقد السيد الصدر الثاني وعن طريق سلسلة من الخطابات الحكومة وموظفيها وأساليب الرشوة والفساد الاداري المستشري انذاك.
قبول فكرة مبدأ الشهادة في مواجهة المنع من إقامة صلاة الجمعة
احرج الشهيد الصدر السلطة من خلال اعلانه من على منبر الجمعة انه وجميع المصلين مستعدين للشهادة في حالة تعرضهم لعمل ارهابي وسط تأييد من قبل المصلين لموقفه فأحرج لبذلك السلطة التي اعياها التعامل من الصدر كونه يستطيع التملص من محاولاتها الرامية الى انهاء ما اصبحت تسمى بظاهرة صلاة الجمعة.
رفض السيد قبول الإقامة الجبرية
وبعد إبلاغ السيد الصدر الثاني بضرورة التزامه المنزل حسب ما اوردت مصادر مطلعة على الامر جابه السيد هذ الامر بالرفض.
هيأ السيد محمد الصدر طلابه للإستمرار على أداء صلاة الجمعة في حالة الإستشهاد
علم السيد محمد الصدر وبشكل مؤكد أنه سيتم تصفيته، وكان ذلك واضحا من خلال خطب الجمعة ومحاضراته التي كان يلقيها لطلابة وكان يلمح مرة ويصرح اخرى بضرورة استمرارهم على النهج في حالة موته او استشهادة ولم يكن يتطرق الى الاعتزال مطلقا متحدياً بشكل واضح لأوامر السلطة بالتقليل ممن نشاطه السياسي.
برامج السيد محمد الصدر قبل الرحيل
سعى المرجع الصدر إلى الحفاظ على الحوزة العلمية في النجف الأشرف، فرمم وبنى ما فقدته وجاهد على تربية طلابها، وقام بخطوات جبارة وكبيرة في هذا المجال وفقاً لما تتطلبه الساحة الفكرية والحياة العصرية في تلك المرحلة، منها ارسال العلماء إلى كافة أنحاء العراق لممارسة مهامهم التبليغية وتلبية حاجات المجتمع، وبادر إلى إقامة المحاكم الشرعية الجعفرية وتعيين العلماء المتخصصين للقضاء وتسيير شؤون أبناء المجتمع.
ولعل أبرز ما اشتهر به هو اقامته صلاة الجمعة وتصديه بنفسه لإمامتها في مسجد الكوفة، وتعميم اقامتها بمختلف مدن العراق وهو لم يشهده تاريخ العراق السياسي منذ حقبة طويلة، وعبر هذه الحركة الفريدة والنوعية حركته إلى منبر إعلامي لتوعية أبناء الأمة.
وهذا ما وجد فيه النظام الحاكم في العراق خطراً مباشراً على مستقبله، فسارع إلى تدبير عملية اغتياله مع ولديه مساء الجمعة من الرابع ذي القعدة والمصادف في التاسع من شباط عام 1999 من الميلاد عند عودته من مسجد الكوفة إلى بيته في مدينة النجف الأشرف.
فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.
المؤمنون في مواجهة جبهة النفاق
لقد صعدت أرواح الشهداء الى عليين في جنة نعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر يَهْنَئون بالجنة التي وعد الرحمن عباده بالغيب وكان وعده مأتياً، في الوقت الذي سَيُعَذَبُ فيه المنافقون أشد العذاب .. قال تعالى في محكم كتابه الكريم ” مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَاُلوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ* فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ +الشَّافِعِينَ ” سورة المدثر الايات 24 – 48.
الصدر الثاني يلبس كفنه
لقد نذر الشهيد الصدر الثاني نفسه عندما لبس كفنه وخرج الى صلاة الجمعة وكان ذلك إشارة البدء للخروج على الظالمين، ولقد وصلت رسالته الى جميع أبناء شعبنا الذين انخرطوا في صفوف تلك الصلاة.