نعيش هذه الأيام “أسبوع الوحدة الإسلامية” الذي كان قد دعا إليه السيد الخميني لتكريس الوحدة بين المسلمين انطلاقاً من تاريخَي ولادة الرسول المصطفى(ص) المشهورَين عند المسلمين السنة والشيعة وهما 12 و17 ربيع الأول ، حيث أعلن بينهما أسبوعا للوحدة الإسلاميّة ، الذي اعتبر السيد الخامنئي بأنه “إحدى الصدقات الجارية للثورة الإسلاميّة، و التي تحقّقت ببركة عبقريّة السيد الراحل” .
وقد كان هذا الأسبوع مناسبة للمسلمين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم، ومحطة تلاقٍ بين أبناء الدين الواحد، ونقطة التقاء فكري وتعايش سلمي حضاري فيما بينهم. قد لاقت هذه الفكرة فيما بعد وإلى الآن رواجا في مختلف الدول الإسلامية بل والدول العالمية أيضا ، فالندوات والمؤتمرات تُقام في كل عام وفي أكثر من بقعة من أرجاء العالم ، ويشارك فيها المسلمون بمختلف مدارسهم العقائدية والفكرية، بل ويعرضون أطروحاتهم الفلسفية والفكرية لمناقشتها وأخذ ما يفيد المسلمين ويعمل على توحيدهم.
عناصر قوّة المجتمع الإسلامي كثيرة ، بدءاً من الأصول الاعتقاديّة الواحدة، وليس انتهاءً بسيل من التعاليم والعبادات المشتركة بين كافّة المسلمين.
ولعل وحدة الهدف تعدّ من أبرز مصاديق ونقاط القوّة، يقول سبحانه: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)، لتشكّل هذه النقطة مدخلاً جديداً إلى العديد من مكامن القوّة في العالم الإسلامي بدءاً من انقاذ المستضعفين والمحرومين: (ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان)، والقضيّة الفلسطينية أبرز نموذج على ذلك، وصولاً إلى إحلال روح الاخوّة الإسلامية بين المسلمين (إنما المؤمنون إخوة).
وبهذه المناسبة أكد الكاتب الفلسطيني “عبدالرحمن أبوسنينة” : أن استثمار الاختلاف ليكون عامل قوة، ونقطة التقاء فكري وحضاري، وهو رد من رجل دين عاشق لنبي الرحمة على هواة الفتنة، الراغبين في شق صف المسلمين، فقد تحول التاريخ محل الخلاف، إلى فرصة تجمع عشاق النبي الخاتم ص، مع محاولة شذاذ من المتأسلمين؛ قطع العلاقة الروحية والمعنوية بجد الحسنين عليهم جميعا الصلاة والسلام.
وفي سياق ذاته قال الشيخ «محسن اراكي» الامين العام لمجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية ان الوحدة حول محور اهل البيت عليهم السلام هي أفضل سبيل وحائل أمام ظهور المجاميع السلفية التكفيرية في العالم الإسلامي .
وأخيرا إن شعار الوحد هو شعار استراتيجي وليست تكتيكا يرتكز على مصلحة معينة، وبالتالي على النخب الفكرية والمثقفين والجهات المؤثرة في دول العالم الاسلامي ان تقوم بتحقيق هذه المهمة . من أبرز الحلول ايضاً التمسّك بالمشتركات وأهمّها أهل البيت (ع).
لا بدّ من ترجمة هذه الوحدة على الأرض كي لا تبقى أسيرة الصالات والمؤتمرات والشاشات، ولعل القضيّة الفلسطينية اليوم هي الفرصة الأكبر لتحقيق هذه الوحدة، ومن هنا فإن المتآمرين على القضيّة الفلسطينية هم في الوقت عينه متآمرين على الوحدة الإسلاميّة.