اسلوب الجمع بين منهجي الحوزة التقليدية والحوزة الناطقة (المرجع اليعقوبي أنموذجاً)
المرجع اليعقوبي دام ظله يمثل بارقة أمل مشرقة للأمة الإسلامية في عصر تتعاظم فيه التحديات الفكرية والاجتماعية.
ان ما يميز شخصيته الفريدة هو قدرته على الجمع بين الحوزة التقليدية، بتمسكها العلمي فقها واصولا واهتمامها بالأصالة، وبين الحوزة الحركية الناطقة التي تتميز بعمقها الفكري وتعنى بواقع الأمة وتتصدى لمشكلاتها اليومية بحلول عملية ومواقف جريئة.
فهو من جهة اخذ من الحوزة التقليدية التي تعتز بأصالتها، حيث انكب على دراسة الفقه والأصول والعلوم الإسلامية المختلفه بمناهجها الرصينة،
ونهجه في هذا المجال يعكس اهتماماً كبيراً بالعمق المعرفي، والتأصيل الشرعي، مما يجعل فتاواه وأفكاره ذات مرجعية علمية قوية تستند إلى تراث غني ومتين.
ومن جهة اخرى أدرك أن العلم إذا لم يُترجم إلى حركة واقعية لن يُحدث تغييراً، وسيبقى قاصراً عن أداء رسالته،
من هذا المنطلق، تميز بنهجه الحركي الذي اكتسبه من مدرسة الشهيدين الصدرين وخاصة من استاذه الصدر الثاني قدس سره والذي يجعل الدين يعيش في قلب المجتمع، فقد قدّم حلولاً لقضايا معاصرة مثل العدالة الاجتماعية، بناء المؤسسات، قضايا الشباب، ومواجهة الانحرافات الفكرية والاجتماعية والسياسية،
كما طرح مشروعه ابان دخول الاحتلال الى العراق حيث أعدّ لمشروع نهضوي بتأسيس مجلس يضم علماء وفضلاء الحوزة ليتبلور عنه اراء ومواقف موحدة تخدم المصلحة العامة وتمضي قُدما لبناء دولة الانسان.
رسالته في هذا المجال تتمثل في جعل الإسلام ديناً ناطقاً يلامس حياة الناس مباشرة ويحل مشاكلهم.
إنّ التوازن الذي يحققه المرجع اليعقوبي بين المدرستين التقليدية والحركية يعكس رؤية مستقبلية عميقة، فهو يحافظ على أصالة الإسلام وتراثه، وفي الوقت نفسه يواكب تحديات العصر، مما يجعله مرجعاً قادراً على قيادة الأمة نحو إصلاح شامل،
هذا الجمع بين الاصالة والعمق النظري والفاعلية العملية يُعد الأمل للأمة في بناء جيلٍ واعٍ يحمل قيم الإسلام ويطبقها في واقعه.
ومن خلال خطبه وكلماته وكتاباته، ومواقفه، يدعو المرجع اليعقوبي دامت فيوضاته الأمة إلى تجاوز حالة الجمود والركود، والانطلاق نحو بناء مجتمع متحضر يرتكز على القيم الإسلامية، وهو يشدد على أهمية العلم والعمل معاً، لأن الأمة لن تنهض إلا بوعي فكري مقرون بحركة اجتماعية تُحقق العدالة والانصاف وتحمل في جوانحها حب الاخرين والتضحية من اجلهم.
إن المرجع اليعقوبي دامت بركاته ليس مجرد عالم ديني، بل هو مشروع إصلاحي متكامل يسعى لصناعة قادة وجيل جديد يحملون رسالته، وهو بهذا يُشكل الأمل الذي تنتظره الأمة في بناء مجتمع إسلامي يكون فيه الدين قائداً للحياة، لا مجرد موروث جامد.
اذن فهو يمثل نموذجاً فريداً للقيادة الإسلامية المعاصرة، فهو العالم الذي يفكر بعمق، والقائد الذي يعمل بشجاعة، ومن خلال منهجه الجامع بين الحوزة التقليدية والحركية الناطقة، يستطيع أن يزرع الأمل في قلوب الأمة ويوحد صفوفها ويقودها نحو مستقبل أكثر إشراقاً.
لذلك تجد الحرب الشعواء عليه قائمة ولن تنتهي.
27 رجب 1446… الشيخ حسن العلي