تعتبر مقبرة البقيع من المعالم والآثار الإسلامية المهمة والمقدسة عند المسلمين، وذلك لما حوته من قبور أئمة أهل البيت عليهم السلام و قبور الكثير من الصحابة الاجلاء رضي الله عنهم، وكذلك لما أولته الشريعة الإسلامية من الإهتمام بها واعطائها مكانة متميزة وخاصة من بين المقابر الإسلامية،.
وعليه فإن المؤرخين اهتموا بهذه المقبرة التاريخية والإسلامية اهتماماً بالغاً في كتبهم، تقع روضة مقبرة البقيع في قلب ووسط المدينة المنورة وهي مجاورة لحرم النبي صلى الله عليه وآله، وتقع في الجهة الشرقية لمسجد النبي صلى الله عليه وآله حيث إن الخارج من باب جبرائيل عليه السلام من حرم النبي صلى الله عليه وآله من أبوابه الشرقية تكون مقبرة البقيع مقابلاً له.
للبقيع ثلاث أبواب: فالباب الأول يقع في شرقه، والثاني في الجهة الشمالية، والثالث في غربه وهي البوابة الرئيسية فيه وهي التي تكون دائماً مفتوحة ويتم من خلالها إدخال جنائز الموتى ودخول الوافدين لزيارة قبور أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله واصحابه المنتجبين.
جاء في كتاب لسان العرب لابن منظور في تعريف بقيع الفرقد، قال: والبقيع: موضع فيه أروم شجر من ضروب شتي، وبه سمي بقيع الفرقد، وقد ورد في الحديث، وهي مقبرة بالمدينة. والفرقد: شجر له شوك كان ينبت هناك، فذهب وبقي الإسم لازماً للموضوع، والبقيع من الارض المكان المتسع، ولا يسمي بقيعاً إلا وفيه شجر.
قال ياقوت الحموي: وهي مقبرة أهل المدينة، وقال: قال عمرو بن النعمان البياضي: وكانوا قد دخلوا حديقة من حدائقهم في بعض حروبهم واغلقوا بابها عليهم، ثم اقتتلوا فلم يفتح الباب حتي قتل بعضهم بعضاً.
أقول: والذي يظهر من هذه الحادثة إن مقبرة البقيع كانت في الأصل حديقة وذلك في عصر الجاهلية، وقال ابن الأثير في الكامل في التاريخ ص 676 ج1: فلما قتلت الأوس الغلمان جمعت الخزرج وحشدوا والتقوا بالحدائق.
قال العلامة المجلسي رحمه الله: أول من دُفن في البقيع من المهاجرين عثمان بن مظعون، وأول من مات من الانصار هو أسعد بن زرارة وهو أحد النقباء.
قال السمهودي: وعن شيخ من بني مخزوم يدعى عمر قال: كان عثمان بن مظعون أول من مات من المهاجرين، فقالوا: يا رسول الله أين ندفنه؟ قال: بالبقيع، قال: فلحد له رسول الله صلى الله عليه وآله، وفضل حجر من حجارة لحده فحمله رسول الله صلى الله عليه وآله فوضعه عند رجليه. فلما ولي مروان بن الحكم المدينة مر على ذلك الحجر، فأمر به فرمي به وقال: والله لا يكون على قبر عثمان بن مظعون حجر يعرف به، فأتته بنو أمية فقالوا: بئس ما صنعت عمدت إلى حجر وضعه النبي صلى الله عليه وآله فرميت به بئس ما عملت، فمر به فليرد، قال: أما والله، إذ رميت به فلا يرد!.
وقال السمهودي أيضاً في بيان المشاهد المعروفة اليوم بالبقيع وغيره من المدينة الشريفة: اعلم إن أكثر الصحابة كما قال المطري ممن توفي في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته مدفونون بالبقيع، وكذلك سادات أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسادات التابعين. وقال أيضاً: وفي مدارك عياض عن مالك، انه مات بالمدينة من الصحابة نحو عشرة آلاف وباقيهم تفرقوا في البلدان.
وقال صاحب كتاب آثار المدينة المنورة: وفي البقيع عشرة آلاف صحابي.
وكما دفن في البقيع فاطمة بنت أسد أم أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهم السلام جوار الأئمة الأربعة سلام الله عليهم.
حيث قال السمهودي أيضاً: توفيت صفية بنت عبدالمطلب فدفنت في آخر الزقاق الذي يخرج إلى البقيع.
قال المجلسي في البحار: وفيها ـ أي في سنة حجة الوداع ـ توفي إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله. ولد في ذي الحجة من سنة ثمان وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن بالبقيع.
كما قال السمهودي في وفاء الوفاء ص 893 ج2: وعن قدامة، قال: دفن رسول الله صلي الله عليه وآله ابراهيم ابنه إلى جنب عثمان بن مظعون، وقبره حذاء زاوية دار عقيل بن أبي طالب من ناحية دار محمد بن زيد.
أيضا دفن في روضة البقيع مشاهير من الصحابة الأجلاء.