ثلاثة أيام في الإسلام أراد الله تبارك وتعالى لها أن تثبّت عقيدة الأمة وتصحح مسيرتها وتحفظ الإسلام نقياً ناصعاً سليماً من الزيغ والانحراف الذي يريده طلاب الدنيا لتحقيق مصالحهم الذاتية، ومثّلت هذه الأيام أهم منعطفات في حياة الأمة:
#الأول: يوم الغدير وبيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) إماماً للأمة وخليفة لرسول الله (ص) ومكملاً لرسالته المباركة، فجعله الله تعالى يوم إكمال الدين وإتمام النعمة؛ لأنه يوم خلود الرسالة وعدم اندثارها بموت صاحبها رسول الله (ص).
#الثاني: يوم القيام الفاطمي حينما انقلبوا على الأعقاب بعد وفاة رسول الله (ص) كما أخبر به الله تعالى: [أفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ] (آل عمران:144)، وهو يوم الفرقان في معركة التأويل التي خاضها أمير المؤمنين (ع) بعد وفاة رسول الله (ص) بحسب ما ورد في حديث النبي (ص) لأمير المؤمنين (ع): (تقاتل على التأويل كما قاتلتُ على التنزيل)(1) أي تخوض حربَ تصحيح المفاهيم والسلوكيات وتقويم الانحراف ووضع النقاط على الحروف وبيان التفاصيل.
#الثالث: يوم عاشوراء، يوم التضحية بالقرابين النفيسة لفضح الحكام المستبدين الفاسقين المحاربين لله ولرسوله (ص)، ومن بعد يوم عاشوراء تميّز خط الإمامة والخلافة الإلهية عن خط الملك والسلطنة والصراع على الحكم [لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ] (الأنفال:42) وانتهى عصر خلط الأوراق وتداخل الخنادق.
#ولو_أطاعت الأمة ربّها وما أنزله على رسوله الكريم (ص) في ما بلَّغ في اليوم الأول (يوم الغدير) لما احتاجت إلى اليوم الثاني وهو يوم القيام الفاطمي الذي دفعت فيه الزهراء (س) حياتها ثمناً له وهي في عمر الزهور حيث لم تتجاوز ثمانية عشر ربيعاً.
#ولو_استُمعت نصيحة الزهراء (س) في قيامها المبارك وأعادت الأمة الحق إلى نصابه ودفعته إلى أهله وأذعنت لحق أمير المؤمنين (ع)، لما حصل الانحراف والانحدار بالأمة حتى تطلَّب تقويمُ المسار سفكَ دم سبط رسول الله (ص) وسيد شباب أهل الجنة وسبي عقائل النبوة من بلدٍ إلى بلدٍ يتصفح وجوههن الأعداء.
ولأجل الحفاظ على الإسلام النقي الأصيل لا بد من إحياء هذه الأيام الثلاثة بما تستحقه، وإظهار معانيها الحقيقية، وقد مرّت قرون على الأمة لم يشهد فيها اليومان الأولان حقهما من الاهتمام الواسع إما تقيةً أو مجاملة لئلا تجرح مشاعر الآخرين (والحق أحق أن يُتَّبع) [وَاللهُ أحَقُّ أنْ تَخشَاهُ].
وبقي يوم الحسين (ع) وحده معطاءً كريماً حفظ عقيدة الأمة وحماها من الانحراف والزيغ، فلو نال اليومان الآخران ما ناله يوم الحسين (ع) لاتسعت البركات ولتحقق الفتح بإذن الله تعالى، وهو ما نشهد علائمه وطلائعه اليوم.
المرجع الديني
الشيخ محمد اليعقوبي