بقلم: كفاية دريول حميدي
بحثٌ مُتسلسلٌ عن أهمِّ الأحداث والتطوّرات التي مرّت بالإمامِ الحسن (عليه السلام)
الباب الأول: صُلحُ الإمامِ الحسن (عليه السلام) والمُعاهدة التي جرتْ بينه وبين مُعاوية (لعنه الله) سنة ٤١هجرية
إنّ الإمام الحسن (عليه السلام) هو الإمامُ الثاني من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، تصدّى لمسند الخلافة بعد مُبايعةِ الناس إيّاه، فوقف أمام دسائسِ مُعاوية ورفضَ منحَه أيّ مشروعية.
ومن هنا تأزّمَ الوضعُ بينهما حتى كادت تشبُّ الحربُ بينَ الطرفين، وفي نهايةِ المطاف فُرِضَ الصُلحُ على الإمامِ الحسن (عليه السلام)؛ وذلك لعدةِ أسبابٍ منها خيانة بعض الأمراء في جيش الإمام الحسن (عليه السلام)، كذلك حفظُ الثُلة المُتبقية معه من أصحابه، بالإضافةِ إلى الخطر الموجود من جانبِ الخوارج..
ووفقًا لبنود هذه المعاهدة تعهّدَ معاويةُ بن أبي سفيان (لعنة الله عليه) بعدّةِ شروطٍ أهمُّها أن لا يُعيّن خليفةً بعده. لكنّه لم يفِ بأيٍ من الشروط وعيّنَ ابنه يزيدَ خليفةً له (عليهما لعائن الله) وحاول أن يأخذَ البيعةَ له من الناس والذي أدّى إلى واقعةِ كربلاء..1
الباب الثاني: الأسبابُ والنتائج.
لكُلِّ صُلحٍ أسبابُه؛ ولا بُدَّ له من نتائجَ تعودُ بخيرها على الأفراد المنظورين تحته؛ سواء الصالح منهم أو الطالح وإنْ جهلوا غايته يومئذٍ، إلا أنّهم سيعلمون بها ولو بعد حين.
ولصُلحِ الإمامِ الحسن (عليه السلام) (أسبابه التي اضطرته لإبرامه وعقده مع معاوية ابن أبي سفيان (لعنةُ الله عليه) غيرَ أنّه عادَ على الأمة الإسلامية بالخير والإصلاح وعلى الإسلام بحفظ تعاليمه من كيدِ الطغاة وتبييت اللئام.
لمّا تولّى الإمامُ الحسن (عليه السلام) قيادةَ الأُمّةِ الإسلامية بعد أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكانت قد عصفت فيها الأحداثُ والفتنُ التي اعتمدَ إثارةَ غبارِها الأمويون في الاستيلاء والاستحواذ على الشرعية في وقتٍ كانتْ معالمُ النهجِ الأُموي في درسِ تعاليمِ الدينِ خافيةً على كثيرٍ من المسلمين.
وما إنْ بلغتِ الأمورُ حدًا لا يُمكِنُ الاحتمالُ بعدَه جهّزَ الإمامُ الحسنُ (عليه السلام) جيشًا لمُلاقاةِ الجيش الأُموي وباتت غيومُ الحربِ تتكدّسُ وطبولُها تُقرَعُ؛ بثَّ معاوية والحالُ هذه عيونَه في مُعسكرِ الإمامِ الحسن (عليه السلام)..
وكاتبَ قادةَ الجيشِ بعروضٍ مُغريةٍ جعلتْهُم ينضمّون تحتَ لوائه وغيرها من الأمور التي أدّت بالنتيجةِ إلى تصدُّعِ بُنيةِ هذا الجيش وضعضعةِ صفوفِه وإضعافِ روحِ القتالِ لديه أمامَ جيش الشام..
هذا بالإضافة إلى الشائعات الأموية التي ذيعت بين أفراده بأنَّ الحسنَ بن علي (عليه السلام) صالَحَ معاوية الأمر الذي عرّض الإمام (عليه السلام) إلى عدّةِ مُحاولات اغتيال، بل إنّ الإمامَ الحسن (عليه السلام) كان مُتيقنًا من استعداد بعض فئاتٍ من جيشه لتسليمه لمعاوية (لعنة الله عليه)! حيث كتبوا إليه: “إنّا معك وإنْ شئتَ أخذنا الحسنَ أسيرًا وبعثناه إليك”..
وهكذا فعل الزعماءُ ورؤساءُ القبائل في الكوفة من أمثال (عمر ابن سعد ابن أبي وقاص، عمارة بن الوليد بن عقبة، والأشعث بن قيس) وغيرهم وهؤلاء جميعًا كانوا قد بايعوا الإمام الحسن في أولٍ الأمر قبل أنْ تتمَّ المواجهة مع معاوية (عليه اللعنة) على السمع والطاعة.
كلُّ هذه الأسباب اضطرّت الإمام (عليه السلام) إلى عقد الصلح مع معاوية (عليه اللعنة).2
يتبع في الحلقة القادمة
المصادر1: صلح الإمام الحسن (عليه السلام) من منظورٍ آخر ص٨١
المصدر2: حياة الإمام الحسن (عليه السلام)