كربلاء قضية متجذرة في الوعي الإسلامي ساهمت في تشكل الوعي الحركي الثائر على الظلم والفساد وباتت مع تقادم الزمن أكثر رسخاً في وجدان الأمة وبعبارة أخرى إنها تلك الواقعة التي قفزت فوق الزمان والمكان مستمدة من نور مشكاة النبوة رمزيتها ومن لون البذل عنفوانها فاستحالت نهجاً يحمل شعلةً متوقدة تسمو بالإنسان بآفاق العزة والكرامة وتعبر في مدلولاتها عن محورية الصراع الدائر بين الاستكبار والاستضعاف وبين رمز العدالة والتفاني في الله و رمز الاستغراق في حطام الدنيا الفانية.
واقعة كربلاء قد تكون حدثت في بقعة جغرافية محددة إلا أنها شملت بآفاقها وثمارها الدنيا والحياة وبقيت مستمرة على مر العصورر والأجيال،كيف يمكننا الانتقال من كربلاء تلك البقعة الجغرافية المحددة إلى كربلاء الحاضر وكربلاء الحياة المنفتحة بآفاقها ؟
وفي برنامج “عشرة الباذلين” الذي يعرض على قناة النعيم الفضائية تم تسليط الضوء على موضوع العطاء في كربلاء مع السيد بهاء الموسوي.
حيث وضح السيد بهاء أننا اذا أردنا أن نعرف شخصية الحسين (ع) بمفهومه الخاص فهو العطاء وإن أردنا أن نعرف العطاء بمفهومه العام فهو الحسين (ع) اقترن هذا الاسم اسم مولانا وسيدنا أبي عبد الله الحسين بالعطاء منذ ولادته وحتى شهادته بل وحتى قيام الساعة، وإننا إلى الآن بعد أن تخضب ذلك الشيب الطاهر بتلك الدماء الطاهرة للآن نأخذ من عطاء سيد الشهداء
وأضاف السيد بهاء اذا أردنا أن نتحدث عن العطاء الحسيني فعلينا أن نتأمل محاور مهمة ركزت وأسست عطاء سيد الشهداء في كربلاء وفي غيرها، ومنها: “استصغار العطاء” سيد الشهداء (ع) الذي يلتفت إلى حركته وإلى كيف كان يتعامل مع تضحياته السامية العالية كان يستصغرها، أبو عبد الله الحسين (ع) عندما قدم كل ماعنده من تضحيات ولم يبقى إلا هو أطلق عبارة التي واقعاً عندما نتوقف عندها سواء كنا مبلغين أو رساليين أو اصحاب مواكب أو سياسيين لا تأخذنا إلا الخجلة وهذه هي العبارة عندما قال (ع): “إلهي إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى” موضحاً أن سيد الشهداء بهذه العبارة كأنه أراد أن يقلل من العطاء ويجعله في حد التردد لأنه ليس من الشخصيات التي تُحتّم على الله جلّ وعلا بأن عطائي مثمر أو لا، هذه النقطة الأولى التي ينبغي للإنسان أن يتمسك بها اذا أراد أن يستمر بالعطاء.
كما ذكر السيد بهاء أن في كثير من الأحيان توقفاتنا ليست بالعطاء وعدم العطاء إنما توقفاتنا باستمرار العطاء وتوقف العطاء وغالباً الإنسان بادئ ذي بدء يعطي كما في كثير من الناس الذين خرجوا مع سيد الشهداء في بداية الأمر أعطوه ولاءهم وانتماءهم وكينونتهم ولكن عندما وصلوا إلى كربلاء لم يستمروا معه، مضيفاً أن سيد الشهداء (ع) ضرب لنا درساً عظيماً درس البداية حتى النهاية لا يوجد تراجع ولا تردد في العطاء.
وبيّن السيد بهاء أن الإنسان يستمر بالعطاء عندما يرى أن الذي أعطاه قليل، لكن عندما يستكثر الإنسان عطاؤه لا يستمر لأنه يرى نفسه اكتفى، لكن سيد الشهداء (ع) هو المعطي الذي لم يكتفي بل هو المعطي الذي يرى أن عطاؤه فقرفي دعاء عرفة ونحن لا يمكن لنا أن نفهم حركة سيد الشهداء في كربلاء أو في غير كربلاء إلا بعد أن نلملم كلماته سواء كانت في الأدعية أو في الروايات.
وأشار السيد بهاء إلى قول الإمام الحسين (ع) في دعاء عرفة لله عز وجل “أتوسل إليك بفقري” ما زال الإنسان فقيراً مازال ساعياً داعياً راجياً، متى ما رأى الإنسان أن عطاؤه كبير هنا بدأت المشكلة، وتوقف لذلك ابن الطرماح أو الضحّاك على اختلاف الناقلين، قاتل بين يدي الإمام الحسين (ع) ولكن في نهاية المطاف قال لقد أديت ما علي، كأن الضحّاك يقول لنا إنني اكتفيت بينما أنصار الإمام الحسين (ع) كانوا يرون أن القتلة الواحدة ليست عطاء.
لمتابعة الحلقة كاملة على اليوتيوب:
https://www.youtube.com/watch?v=lKy2UmXO-T8