في ذكرى استشهاد سليل بيت النبوة الإمام جعفر الصادق عليه السلام كتب الأستاذ حسام خلف :
إذا غاب العظماء بأجسادهم بقيت آثارهم شواهد على إنجازهم ،
وإن غاب كل إنسان عن وجه الدنيا فإن العلماء حاضرون بما خلفوه من روح العلم بعدهم ،
تحكي عمق أفكارهم ،وثمار أقلامهم ،وتنثر كنوز ابداعهم هذا في حق العلماء .
وكيف إذا كان موضوعنا أستاذ العلماء ومدرسهم ؟
ذاك الذي أنشأ أهم جامعة في الإسلام تخرج منها 4000 آلاف عالم كلهم يقول حدثني جعفر الصادق ،ع،
ذاك الذي يشهد له مقربيه بالحق والفصل ،ويشهد له مخالفيه بالكرامة والفضل .
إن الإمام الصادق ،ع، يتحلى بأبعاد شتى جعلت منه إمام الطائفة الجعفرية التي تنسب إليه ،وإمام الإسلام الذي ينسب علمائه للتلمذة على يديه ،أولها بعد معرفي تتصل جذوره بصاحب الرسالة المحمدية صلوات ربي وسلامه عليه وآله ،مرورا بحامي حماها ومحور رحاها الإمام علي ،ع، والسلسة الذهبية التي تتصل إليه ، والتي كان كبيرها يزق صغيرها العلم زقا ،ويشق له بطون المعرفة شقا كما فعل والده باقر العلوم صلوات ربي عليه .
وكذا كان الإمام الصادق ،ع، بحر المعرفة وربانها ،له في كل علم بيان ،وفي كل حقل لسان ،وبعد أخلاقي فكان مربياً بالعمل قبل القول ،وبالسيرة قبل الحديث ،فكان طلاب العلم يتمنون التتلمذ على يديه ،ويرتجون النوال من فيوض علمه وأخلاقه ،حتى وصل الحال بمن تعدى عمره التسعين أن يقف ببابه راجياً ،ويذهب إلى قبر جده متوسلا داعيا أن يرقق الله قلبه عليه ،وأن يسمح له بالاختلاف اليه ،وهذا ماحصل مع عنوان البصري الذي سمح له أخيرا بالورود فأعطاه نصائح قليلات في اللسان ،كثيرات في الميزان ،مثمرات في التربية والفضيلة والاحسان ،ثم قال له قم عني فأنا امرؤ ضنين بنفسي ،فماوصل إليه من المراتب العاليات لم يحل بينه وبين الدوام على الصالحات ،وله بعد آخر استراتيجي واقعي ،مبني على معرفة الزمان وأهله .
فالعارف بالزمان لا تهجم عليه اللوابس ،فكان ممارساً لما قاله جده أمير المؤمنين (ع) (اغتنم فرصة الإمكان )،وكما قال جده المصطفى :(المؤمن كيس فطن ) ،فاستغل فترة الاضطراب السياسي أحسن استغلال ،فبين سقوط الحكم الأموي وقيام الحكم العباسي أنشأ منارة العلم ،وموئل الفهم ،فأسس ماخططت له السماء من العلم والعمل على إخراج الناس من الظلمات إلى النور .
ولازالت آثاره باقية شامخة لن تبور ،فسلام الله على روحك الطاهرة ،وقلبك العامر بالإيمان ،وعقلك النيربالفكر الزكي ، وعظم الله أجور شيعتك ومحبيك في مصاب لا يسبر أغواره البيان ،فيا شيعة الصادق كونوا صادقين وعلى آثاره مقتفين ،والسلام عليكم ورحمة الله أجمعين .