السيد محمد الطالقاني..
إن الفترة التي عاصرها الامام الصادق(ع) هي فترة تحكم فيها الجهل والعصبيات، نتيجة ما عصف بالأمة من رياح عاتية، أبعدت ألحق عن نصابه، فكانت مسؤولية الامام الصادق (ع) هي طرح الفكر الإسلامي الصحيح والتخطيط لإقامة نظام العدالة الإسلامية، في ظل ظروف معقّدة وصعبة للغاية حيث الانتفاضات، وإنهماك الولاة بجمع الأموال والثروات الطائلة، وإنشغال الجهاز الحاكم باعمال البطش والجبروت بدون رحمة، من أجل خلق حالة رعب وخوف وذلة لدى الأمة.
وكان الإمام الصادق (عليه السلام) في كل هذه الظروف المعقدة ماسك بدفة القيادة بعزم وتصميم، وهو يجتاز بالسفينة عبر هذه الأمواج المتلاطمة الممزوجة بالأمل واليأس، لا يفكر إلاّ بما يجب قطعه في المستقبل من أشواط، باعثاً الجد والنشاط والايمان في اتباعه للوصول الى ساحل النجاة.
لقد سعى الامام الصادق (ع) لتحقيق مهمتين أساسيتين الأولى المهمة الفكرية والثانية المهمة السياسية حيث أن كلتا المهمتين كانتا تشكلان خطراً كبيراً على النظام الحاكم, خصوصاً وأن الإمام (ع) كانت علاقاته مع أئمة المذاهب قائمة على المحبة والمودة والاحترام المتبادل وتلاميذه لم يكونوا من مذهب معين، بل أغلب علماء الاسلام تتلمذوا على يديه.
وهنا سعى الإمام الصادق(ع) الى فتح آفاق الاجتهاد لدى تلامذته في المفاهيم الاسلامية، حيث كان يدرك أنَّ فتح الباب الصحيح للاجتهاد يعطي حركة تطورية للعلم من شأنه أن يساعد في تقريب وجهات النظر المختلفة، وذلك من خلال إعادة أي حوار في أي مسألة الى قاعدته الأصلية التي هي الكتاب والسنة.
إننا اليوم نناشد كل المتصدين من الأحزاب الإسلامية سنة وشيعة أن يقرأوا ماورثّه الامام الصادق (ع) لنا من علم وفكر وتجربة سياسية من أجل اعادة الرونق الحقيقي للفكر الاسلامي الذي شوهته تجربة الحكم في العراق ومن أجل بناء عراق جديد يعيد البسمة الى شفاه أبنائه بعد أن عصفت بهم الأهوال والمتاعب والكوارث.