الحلقة الأولى
قال الله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال 30).
هل الدين مع التخطيط أم ضده؟ نحن نعتقد بأن الدين هو من دعا للتخطيط ولا أريد أن أتحدث بكلام مني في بداية المقال بل أقتبس الجواب من المرجعية الدينية الرشيدة حيث قال سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) في نشرة الصادقين عدد 45 عام 2006 – وهي كلمة مهمة يجب على الجميع الالتفات إليها: (على مؤسساتنا أن تضع الخطط الاستراتيجية لعملها وأن لا تقتصر على القرارات الارتجالية وردود الأفعال فإن ذلك لا ينضج مشروعاً إصلاحياً تغييرياً وهو ما تنتظره الأمة من الكيانات الإسلامية).
وذكري لهذه الحلقات المهمة لأنه في كثير من الأحيان يعترض البعض ويقول إننا لسنا بحاجة إلى تخطيط وهذا تنظير لا نفع فيه والأخطر حين تصدر هذه الكلمات من بعض طلبة العلوم الدينية وهم – أي أولئك البعض – مخطئون في هذا الجانب لأنهم ينكرون أمراً بديهياً ويتنكرون للعلوم الحوزوية نفسها والتي درسوا فيها العقل النظري والعقل العملي وكذلك العلم الفعلي والعلم الانفعالي بل ويتنكرون لقضايا ينقلونها بألسنتهم ولم تصل إلى عقولهم وقلوبهم فهم يذكرون حادثة الدار ويذكرون حادثة الغدير وكيف أن النبي صلى الله عليه وآله خطط بأمر الله لمستقبل الرسالة بأن تعهدها لأناس لهم القدرة على التخطيط والانجاز وكيف أختار مكان الغدير في حر هجير من أجل أن يثبت أن الأمر خطير ومهم ولا يمكن لأحد تركه حتى شخص النبي (صلى الله عليه وآله) بحيث أن عدم التبليغ بالتخطيط الإلهي سيجعل كل ما قدمه النبي (صلى الله عليه وآله) في مهب الريح قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (المائدة ٦٧).
وغيرها من الحوادث، كما في قضية الإمام الحسن (عليه السلام) وكيف خطط لكشف زيف بني أمية من خلال الصلح وهو خيار له مردودات إيجابية على الحركة الإسلامية، ولو تركه الإمام الحسن (عليه السلام) لكانت النتائج مغايرة ولضيع ما قدمه آل البيت (عليهم الصلاة والسلام) من قبله ولكان معرقلاً لمسيرة من يأتي من بعده إذ كيف لمن يدافع عن موقف الإمام الحسن (عليه السلام) أن يبين أن الإمام (عليه السلام) أعتمد على التحليل البيئي الداخلي من عناصر القوة والضعف في معسكره والبيئة الخارجية من فرص وتحديات.
وكان أكبرها أن الروم قد أعدوا العدة لضرب الإسلام لانشغال المسلمين بعضهم ببعض وهكذا بقية الأحداث في سيرة المعصومين (عليهم السلام) والتي إن اضطررنا سنكتب بيانها أكثر لتتضح لدى أولئك المساكين الذين يحفظون الكلمات ولا يفقهون معانيها وهم مصداق لقوله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} (سورة الْكَهْفِ ١٠٣-١٠٤).
الخطيب الحسيني
السيد رسول الياسري
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية