لاتجد عقل متحرر ولاضمير انساني سليم إلا ويقف الى جانب الإمام الحسين ناصرًا أو مؤيداً أو متعاطفاً لأنه يتلمس في ثورته الخالدة مجمعا للقيم والمبادئ التي تتعطش الإنسانية لحكمها و تجسيدها في حياتها من رفض الظلم والاستبداد في الحكم واستئثار الطبقة الحاكمة بالأموال العامة وحرمان غالبية الشعوب من حقوقها الأساسية في اختيار قيادتها الحقيقية الجامعة لشروط وخصائص القيادة العادلة المنصفة التي لو مكنتها الأمة من أعمال ولايتها لزال الظلم والفساد والمحسوبية والتمييز القائم على أسس جاهلية بغيضة وعمّ وانتشر العدل وحفظت الكرامات والحريات العامة والخاصة.
ويزداد التعلق ويشتد الحب للإمام عليه السلام لعظمة التضحيات والبذل الذي قدمه فشمل أصحابه وأهل بيته حتى الرضيع منهم وتعرض بنات الرسالة للسبي وتشفي الأعداء بمصابهن بالاحبة الحماة.
حينما يضحي القائد بحجم التضحية التي قدمها الامام الحسين عليه السلام ويختار هذا الموقف الباهض الثمن مع ان الحاكم الظالم المستبد كان يتوسل منه فقط كلمة واحدة وهي ان لا يعارض تنصيبه على الأمة بالسيف والقهر فيرفض الامام السكوت على تسلط الحاكم الظالم قهرًا وعلى خلاف إرادة واختيار الشعوب ويصرّ سلام الله عليه على اعلان رفضه لهذا المنهج في تداول السلطة وتنصيب الحكام ويوطن نفسه الشريفة على ادانة ومواجهة أسلوب التسلط عنوة وقهرًا دون موافقة وتأييد وقبول الشعوب حتى لو كلفه التضحية العظيمة فعندها نعرف لماذا تتوق وتتشوق الإنسانيةوتتعاطف وتؤيد جميعها نداء الحسين الخالد في الطف لانه بكلمة مختصرة يحفظ حريتها ويحمي ارادتها من ان يغتصبها كرها حكام الاستبداد والديكتاتورية.
وعندما يحكم الحاكم الظالم قبضته ويقتل المعارض له بالكلمة والموقف السلمي ويشمل بالعقوبة كل من يرتبط بمعارضه من قريب او بعيد ويمعن في أساليب القمع القاسية ليرعب من يعارض نهجه ويخلق التردد في عزمه لمواجهة ظلمه واستبداده، فان صوت وموقف الرفض لذلك الحكم الاستبدادي يتطلب صبرا وثباتا وعزيمة يقل وجودها الا في من عاش المبدأ والأهداف الإنسانية الكبرى العظيمة واتحد وجوده بها فلاتنفك عن وجوده الشريف ولاينفك عنها.
ولو تمعنا في موقف أصحابه عليه السلام الذين أيقنوا نهاية المواجهة مع دولة ظالمة مستبدة قاسية وبجيشها الكثير العدد وقياداته الهمجية المولعة بالترهيب والقتل والتعذيب وقطع الرؤوس ومع ذلك تقدموا بعنفوان وحماسة منقطعة النظير دون ادنى تردد وهم يعلمون من توازن القوى بين معسكرهم ومعسكر العدو ان نهايتهم الحتمية القتل وتعرض عوائلهم للسبب والقمع لعرفنا سببا آخر لتوافق الضمير الإنساني الحر مع ثورة الحسين عليه السلام ، اذ يدرك جميع الأجيال عندها ان سلسلة التسلط والاستبداد في الحكم تحتاج لدماء وتضحيات نوعية لكي تكسر وتضعف حلقاتها من ان تلتف على اعناق بني البشر في أجيالهم المتعاقبة.
إن ثورة الحسين عليه السلام ركزت على احترام حرية الإنسان وحماية إرادته من التغييب في تقرير شؤونها العامة.
عبد حبيب
العاشر من محرم ١٤٤٢