لقد أسس الإمامين الباقر والصادق (ع) أعظم وأكبر مدرسة علمية في جميع مجالات العلوم والمعارف الإسلامية، في الفقه والتفسير والحديث والأخلاق وغير ذلك.
وقد كان طلاب الإمام الصادق (ع) يربون على أربعة آلاف طالب من مختلف الأقطار والأمصار والجنسيات واللغات والمذاهب والاتجاهات، ولم يكن (ع) يميز طالب على طالب على أساس الولاء أو اللون أو القومية وإنما يتعامل مع الجميع على حد سواء.
اهتم الإمام (ع) في دروسه بعلم الحديث كثيراً , ولذا نجد أن أكثر أحاديث وردت عن الأئمة كانت مروية عنه , وهو بلا شك يروي عن آبائه عن رسول الله (ًص) . وكذلك كان له اهتمام واضح في علم التفسير , فقد ملئت مرويات تفسيره للآيات الخافقين.
وكان القرآن الكريم في منهجه هو المحور في المنظومة الإسلامية عموماً، وكذلك نجده أولى اهتماماً واضحاً في علم العقيدة , فقد بين معالم أصول الدين وأمهات المسائل العقائدية بأفضل بيان وشرح وتوضيح، ومن بين اهتماماته هو الرد على الزنادقة والدهريين والملاحدة والجبرية والقدرية والمرجئة وغير أولئك من الفرق والاتجاهات الضالة .
إن الحوزة العلمية كانت ولا زالت تمارس نفس الدور الذي مارسه رئيسها وسيدها مولانا الصادق (ع) , فمن يريد السير على خطى هذا الإمام العظيم سادس أئمة اهل البيت عليهم السلام , فلابد له من التمسك بعلماء وفقهاء الحوزة العلمية , لأنهم الامتداد الطبيعي لتلك المدرسة المباركة , فلا يدعي أحد بأنه من اتباع جعفر بن محمد (ع) وهو يدبر ويعرض عن الحوزة العلمية لحجج واهية وشبهات بثها أعداء الدين وشياطين الانس والجن. لأنه بذلك سوف ينقلب على دينه وأئمته المعصومين.
ومن هنا يقول (ع): (إن العلماء ورثة الأنبياء ، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا ، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم ، فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظاً وافراً) .
فمن الواجب على الأمة الرجوع الى العلماء في كل شأن من شؤونهم , سواءً أكانوا حكاماً أو محكومين , كما قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : (الملوك حكام الناس ، والعلماء حكام على الملوك) . فحكومة العلماء باعتبارهم ورثة الأنبياء , وهم حكام على القلوب والارواح , وان كان الملوك والسلاطين حكام على الأجساد.
وهذا بالضبط ما جعل الإمام الصادق (ع) يقول: ( إذا مات المؤمن الفقيه ثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء) . لان العالم يشكل محورية أساسية في الدين لا أنه شخص يعيش على الدين، أو يريد أن يتسلط على رقاب الناس.
وعلى هذا الأساس ننتظر من الناس ومن شيعة أهل البيت (عليهم السلام ) إجلال واحترام العلماء والإصغاء اليهم واتباع كلامهم , لأنهم لا يقولون كلاماً من عند أنفسهم وإنما يتبعون منهج الكتاب والسنة ويهتدون بهدي محمد وآل محمد.
السيد فاضل الموسوي الجابري
الحوزة العلمية في النجف الأشرف