كل دعاة الوحدة الاسلامية من علماء السنة والشيعة لم يقصد أحد منهم على الاطلاق أن يصبح الشيعة كلهم سنة والسنة شيعة ،وإنما ليحتفظ أتباع كل مذهب بمذهبه وبأفكارهم وقناعاتهم واجتهاداتهم؛ نلتقي فيما نتفق فيه وهو الأغلب والأكثر ونتنافش فيما نختلف فيه ويعذر بعضنا بعضا،ولكن نتصرف كأمة لها دين واحد ونبي واحد وكعبة واحدة وقرآن واحد ومصالح واحدة ومصير واحد وكرامة واحدة .هذا معنى الوحدة الاسلامية .
كذلك عندما يتحدث علماء المسلمين في أي بلد عن الوحدة الوطنية لا نقصد بالوحدة الوطنية أن يصبح المسلمون مسيحيين ولا أن يصبح المسيحيون مسلمينز يمكن للمسلمين ان يحتفظوا بدينهم وخصوصياتهم وللمسيحيين ان يحتفظوا بعقيتهم وبخصوصياتهم ويجمعنا الوطن الواحد والمصالح المشتركة والعيش الواحد والتحديات المتشابهة .عندما نتحدث عن وحدة اسلامية او وطنية نحن لا نتحدث عن وحدة دينية واندماجية وتذويبية.
الحديث عن “الوحدة الإسلامية” لا يستهدف خصوصيات الدول الإسلامية :
في التاريخ الاسلامي، دخل الاسلام الى الكثير من دول العالم واليوم المسلمون لهم انتشار واسع ،ولكن الاسلام لم يدخل الى هذه الشعوب وهذه البلدان ليلغي خصوصياتها على الاطلاق ولم يتبع سياسة التعريب وبالتالي التخلي عن اللغة الام. لم يعمل الاسلام على قاعدة الغاء العادات والتقاليد والزي الوطني وما كان يتوارثه هؤلاء الاقوام . نعم جاء الى ما اعتبره فاسدا منها فاعترض. اما الكثير مما كان فهو ارث ثقافي بشري رائع سكت عنه الاسلام واحترم هذه الخصوصيات .
اليوم عندما نتحدث عن الوحدة الإسلامية فلا يجوز أن يخيف هذا أحدا. بمعنى أنه من الطبيعي في التركيبة الثقافية والاسلامية والنفسية أن كل مسلم من أي وطن كان، يتطلع الى الوطن الاسلامي الواسع والكبير والدولة الاسلامية الكبيرة والخلافة العادلة والراشدة.
ولا يستطيع أي مسلم أن ينكر أن في أعماقه شيء من هذا. وكلنا يطمح لشيء من هذا النوع. ولكن هل هذا يعني أن نتجاهل ونتنكر لدولنا وبلداننا وواقعنا السياسي والاجتماعي على أساس هذه العواطف أو هذه الافكار المحترمة.
يمكن لكل واحد أن يعيش في بلده: في لبنان، في سوريا، في العراق الخ …وأن تكون له دولته وحكومته ونظامه ولكن أن تقوم علاقات متينة ووثيقة بين شعوب هذه الدول وبين حكومات هذه الدول. لكن يمكن أن نقيم اتحاد الدول الإسلامية أشبه باتحاد الدول الأوروبية تتعاون في مصالحها المشتركة .
—————————————————————————————————————————–
من كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في مناسبة عيد المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية ـ الجمعة 14/4/2006