لا يمكن الحديث عن سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) إلا أن يكون الحديث عن المظلومية في أعظم تجلياتها التي ظهرت في اللحظات الأولى من شهادة وانتقال أبوها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلى الرفيق الأعلى.
وذلك لما أقدم عليه القوم من أعمال لم يتوقعها أحد من عقال العالم، الذين تركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بين أهله يبكونه. وتراكضوا إلى سقيفة بني ساعدة المشؤومة لينقلبوا على أعقابهم. كما أخبر رب العزة والجلال في كتابه الكريم.
ثم جاؤوا إلى البيت الذي أمرهم الله ورسوله بتعظيمه وتبجيله وتقديره واحترامه، وعدم الدخول إليه إلا باستئذان، فكان رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يدخله إلا بعد الاستئذان. فجاؤوا بجلاوزتهم وأكثر من ثلاثمائة من أعوانهم ليقتحموا ذلك البيت، ويهجموا عليه بكل صلافة وفظاعة وعنف لا مبرر له.
فاستقبلتهم سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) متحدية لهم أن يدخلوا بيتها. فأمرهم الرجل القرشي بالهجوم على البيت. فقالوا له: إن في البيت فاطمة، فقال: وإن …
وقام هو بأولى خطوات الهجوم بحيث أنه ضرب الباب برجله حين عرف أن فاطمة (عليها السلام) خلف الباب، فعصرها بين الحائط والباب. وكانت حاملاً بالسبط الثالث المحسن، فأسقط جنينها، وكسر أضلاعها. وأنبت المسمار في صدرها، ودفع الباب حتى تمكن منها، فصفعها صفعة فانتثر قرطها أمامه، فوقعت على الأرض، وصاحت: “يا فضة أسنديني …”. ولكن تحاملت على جراحها وخرجت خلفهم عندما رأتهم قد أخذوا أمير المؤمنين (عليه السلام) مكتّفاً بعمامته، يقودونه ليبايع خليفتهم القرشي.
ثم كانت مريضة تذوب كما الشمع ليضيء سدف الظلام في دنيا الإسلام والمسلمين، وما زالت كذلك حتى قضت نحبها وذهبت إلى الله ربها مظلومة، مقهورة، مغصوبة، مكسورة، مضروبة، شهيدة. تشكو إلى الله وإلى أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) أصحابه المنقلبين على الأعقاب، ليطردهم غداً عن حوضه، ويقول لهم: “سحقاً سحقاً لمن غيّر وبدّل بعدي”.
السلام على الشهيدة السعيدة، والمظلومة العظيمة، سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام) يوم ولدت، ويوم ظُلمت فاستشهدت، ويوم تبعث حية شاهدة على هذه الأمة الظالمة لها ولذريتها الطاهرة.
العتبة الرضوية المقدسة
يمكنك الاشتراك على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية