كان الإمام السجاد (عليه السلام) لا يأكل طعاما حتى يبدأ فيتصدق بمثله.([1])
وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) إذا كان اليوم الذي يصوم فيه يأمر بشاة، فتذبح وتقطع أعضاؤها وتطبخ، فإذا كان عند المساء أكب على القدور حتى يجد ريح المرق وهو صائم، ثم يقول: هات القصاع ، اغرفوا لآل فلان ، واغرفوا لآل فلان ، حتى يأتي على آخر القدور ، ثم يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه.([2])
وهذا العمل ليس غريبا عن القادة المعصومين (عليهم السلام) والعلماء المخلصين لأن خلقهم القرآن وفعلهم يوافق قولهم … فهذا العمل ليس غريبا عن الإمام السجاد (عليه السلام) الذي يحث على إطعام المؤمنين فمن أقواله: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة، ومن سقى مؤمنا من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم. ([3])
وهو القائل: المنافق ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي .
وتعلم الإمام السجاد (عليه السلام) هذا السلوك من القرآن الكريم ومن آبائه (عليهم السلام) ومنهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) القائل: أظهر الناس نفاقا: من أمر بالطاعة ولم يعمل بها ، ونهى عن المعصية ولم ينته عنها.
وهو القائل (عليه السلام): إني لأرفع نفسي أن أنهى الناس عما لست أنتهي عنه ، أو آمرهم بما لا أسبقهم إليه بعملي .
وقال (عليه السلام): لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل . . . ينهى ولا ينتهي ، ويأمر بما لا يأتي.([4])
وكيف لا يكونوا كذلك وهم القرآن الناطق والملتزمون بما أمر الله (عز وجل) به والمنتهون عما نهى عنه
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ(3))[الصف]
وقال تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [البقرة: 44]
مما تقدم نعرف أن القائد يسبق الآخرين بعمل ما يأمرهم به وينتهي قبلهم عما يأمرهم بالانتهاء عنه . . . ([5]
——————————————————————————————————
([1]) بحار الانوار ج46 ص63.
([2]) المحاسن، للبرقي ج2 ص397.
([3]) الكافي ج2 ص201.
([4]) ميزان الحكمة، الريشهري، ج3 ص1949.
([5]) مقتبس من كتاب الأربعون مقالا، محمد النجفي، مخطوط.