حينما تأخذ المرجعية الدور الحقيقي في المجتمع يتحقق التأثير العقلي والحقيقي في الأمة وجماهيرها وسوف يكون لهذه المرجعية الحافز لكي تبعدع في جميع الاتجاهات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلمية وذلك لانها تستمد منظمة أفكارها من القرآن الكريم والسيرة النبوية وسيرة أهل البيت (عليهم السلام ).
فهذا هو الخط الالهي المقدس والنبع الصافي للحياة والكون ,فالدين الإسلامي قادر على قيادة المجتمع والنهوض باعباءه وهذا ما حدث فعلاً في دولة الرسول الكريم (ص) وسوف يحدث في الدولة المهدوية الموعودة والتي ستقود العالم بنجاح وتحقق العدالة الاجتماعية قي أرجاء المعمورة وبشكل وتبرهن على فشل النظريات والانظمة الوضعية .
ومن خلال إلقاء نظرة تاريخية على حركة المرجعية بعد ثورة العشرين إذ أصبح واضحا الانفصال بين الأمة وبين المرجعية حيث وضعت الأمة ضمن تأثير التيارات الفكرية والسياسية الإسلامية مثل التيار الليبرالي الديمقراطي او التيار الماركسي الشيوعي اهتمام الحوزة العلمية منصباً على شؤونها الخاصة وكنتيجة لذلك تعاملت الأمة بانها تفتقر إلى القيادة الدينية وتعاملت المرجعية بانها تفتقر إلى القاعدة الجماهيرية وبذالك فقدت المرجعية قدرتها الحركية وانعزلت عن الامة على الرغم من بقاء القدسية المرجعية .
أما في فترة الخمسينات فظهرت ظاهرة متميزة وهي مرجعية السيد محمد باقر الصدر الذي هو أبرز العلماء العالمين في العراق واحد اشهر المفكرين والمنظرين في فكر مدرسة اهل البيت (ع) فالمعركة التي قادها السيد محمد باقر الصدر هي معركة بقاء الشعب العراقي ومعركة المنهج ونظرية العمل السياسي والاجتماعي من أجل خدمة الانسان في هذا البلد الاسير من قبل السلطة الظالمة والفاسدة المعطلة لشرع الله على الرغم من انتهاء هذه المعركة باغتيال السيد الشهيد محمد باقر الصدر .
ولكن بعد فقد السيد محمد باقر الصدر واختلاف الحسابات والرؤية والظروف الاجتماعية والسياسية للبلد أصبح هناك فجوة حقيقية بين المؤسسة الدينية والجماهير قد يعود ذلك إلى الضغط والإرهاب السلطوي على هذه المؤسسة الحيوية في المجتمع العراقي وبعد الفاجعة باستشهاد السيد محمد باقر الصدر ولكن بعد نيف وعشر سنوات عاد التاريخ يعيد نفسة في ظاهرة مماثلة للإمام الشهيد الصدر الأول من حيث المضمون والامتداد أنها ظاهرة السيد محمد باقر الصدر تلميذه وابن أسرته الصدرفهي الشخصية التي من المؤمل أن تملأ الفراغ وتعيد الثقة بالنفوس المحطمة والتي تنشد الأمل في قيادة تصف الواقع وتحاول تغييره وخلال سنوات قليلة اصبح السيد محمد الصدر قائد الامة في العراق ومرجعها الذي يمنحها القوة من خلال المشاريع الفكرية والاجتماعية رغم رفض السلطة الإرهابية التي تتحرك ضمن منهج مدروس لالغاء الآخر وإن كان يمثل الاغلبية والأكثرية من خلال الضغط الاقتصادي والسياسي والاجتماعي على هذا المكون الاجتماعي ومحاولة محوه من الخارطة العراقية .
وبذلك جسد نموذجاً للقيادة الإسلامية اقتربت في سلوكها وعملها النموذج في التاريخ الاسلامي العريق متخذاً الرسول الكريم والائمة الأطهار من حيث الزهد والتواضع ونكران الذات والبساطة والاندفاع في خدمة الإسلام فكانت حركة الشهيد الصدر تسير بخطى سريعة مستخدمة الجماهير والقواعد الشعبية من أجل صنع مستقب يخدم كافة شرائح المجتمع المظلوم بكافة أطيافة وأعراقة وألوانه ومذاهبه فأول مرة يقف في التاريخ الشيعي في العراق مرجع يقيم صلاة الجمعة بشكل منتظم في مسجد الكوفة الذي أصبح مكان التقاء الجماهير في كافة محافظات القطر واضحى يوم الجمعة يوماً مشهوداً في حياة الناس , اليوم الذي تلتقي فيه القيادة والمرجعية مع الامة في يوم تحدي يصنع الوعي في الامة ويشدها إلى إسلامها ويتحدى الإرهاب بكل ألوانه ولا يعاب للتهديد والعيد ,فقد علم السيد الشهيد هذه الأمة أن ترخص النفوس من أجل الإسلام ولعل ذلك أهم الانجازات التاريخية لهذه الشخصية العملاقة اضافة الى عزل الجماهير عن السلطة التي كانت تحاول عزل الناس عن قيادتها الدينية والروحية من خلال منع الشعائر الدينية والحسينية وزيارة عاشوراء فكان الرد من القيادة الروحية من خلال صلاة الجمعة وتجاوز ذلك الجدار (جدار السلطة والدعوة الى تحدي الاجراءات وزيادة الثقة بالنفس والثبات على المبادى الإسلامية وتقديم مطالب الشعب العراقي .