إن مبادئ الإسلام الحقيقية وحضارته العظيمة تؤكد على استيعاب الآخر والتعايش معه بشكل سلمي يتسم بروح التسامح ونبذ العصبية, ومما نحتاجه اليوم بشكل ماس وضروري هو توحيد الجهود ضد خطر المشروع الصهيوني في المنطقة. والوقوف الواعي بوجه إثارة الفتن بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم أو داخل أتباع المذهب الواحد, وعدم الانشغال بالنزاعات الجانبية لأن هوية العدو ليست سنية أو شيعية وإنما صهيونية استعمارية.
فالعدو الحقيقي هو من جاء ليحتل أراضينا وينهب خيراتنا ويزرع الفتنة بيننا بأساليب رخيصة من وراء المحيطات, ورد عن أمير المؤمنين (ع). أنه قال: فما خُلقت ليشغلني أكل الطيبات كالبهيمة المربوطة همها علفها, أو المرسلة شغلها تقممها تكترش من أعلافها وتلهو عما يراد بها. ( نهج البلاغة , 3 : 72 ).
فهذه السموم التي شوهت روح الإسلام وسماحته تبث إلى عقولنا وعقول أولادنا عن طريق قناة فضائية مأجورة أو صفحة في الفيس بوك أو منبر صُنع لإشعال الفتن، تحت بريق كلمات منمقة تحمل شعارات دينية.
إن إيماننا بأهدافنا السامية يستدعي منا أن لا نستغرق كثيراً في لوم الآخرين ومعاتبتهم لأنه يعيق محاولات النهضة بالمشروع الإسلامي ويختلق معارك داخلية يستفيد منها الأعداء. فمضاعفة الجهود التواصلية والاجتماعية خطوة مهمة لتقليص الانفعالات والتشنجات وتبعث في النفس شعوراً بالتسامي الخُلقي والحرص على توحيد الكلمة. قال تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا أن الله مع الصابرين . ( الأنفال : 46 )
وقال تعالى: وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون. ( المؤمنون : 52 ). ومن أسوء الأمراض الفتاكة في المجتمع هو الهيمنة الفكرية. حيث يسعى البعض إلى فرض رأيه ومعتقده بالقوة على الآخرين لأنه يعتقد أنه الحق المطلق الذي لا ينبغي الخروج عنه. وفي الحقيقة أن هذا المرض يستهدف هوية الأمة وقتل الحراك الفكري فيها وانتشار ظاهرة الركود والجمود المعرفي.