لقد أصيبت حركة الفقه الامامي بعد رحيل الشيخ الطوسي بركود وجمود غريب من نوعه ؛ حيث كان أغلب من جاء بعده من الفقهاء يقف على ارائه ، ولا يستطيع مخالفتها بأي حال من الاحوال. حتى جاء محمد القرن السادس( محمد بن منصور) المعروف بابن ادريس الحلي.
هذا الفقيه الذي استطاع في النصف الثاني من ذلك القرن أن يكسر ذلك الجمود باختراقه لحاجز الهالة الطوسية الذي بقي لأجيال.
و هذا وجه تشابه واضح بين المحمدين، محمد الصدر ، ومحمد بن منصور بن ادريس الحلي؛ فقد اتخذ السيد الشهيد طريقا غير مألوف كسر فيه ذلك الجمود الذي كانت عليه حوزة النجف لا على مستوى الطرح العلمي فحسب، بل حتى على مستوى أسلوبه في طرح مرجعيته؛ فولد بذلك حراكا شمل حتى من لم يكن مقتنعا بحقانيته ، فما هي إلا سنوات واذا باغلب المرجعيات- مع احترامنا للجميع- تفعل ما كانت تستنكره منه من آليات،ولك بصلاة الجمعة اوضح شاهد.
وكذلك نرى وجه تشابه آخر ؛ فقد كان ابن ادريس من الشخصيات التي أختلف فيها أيما اختلاف حتى نقل أن بعض معاصريه وهو (سديد الدين الحمصي) وصفه بانه ” مخلطاً لا يعتمد على تصنيفه” .
و ذكر ايضا أنّ كلّاً من المحقّق والعلامة الحلي نقداه عدة مرات ، غير أنّ رأي علماء الرجال بابن إدريس تغيّر تدريجياً في الفترات التالية، بحيث وثّقه العلامة المجلسي.
وتجد هكذا إختلاف موجودا في شخص شهيدنا الصدر ..سواء أكان في أيام حياته ، حيث كنا شهودا على قدح مرجعيته ، بل وشخصه من قبل الكثير.. وكذلك كان وما زال القدح من قبل البعض الى يومنا الحاضر. ولهذا القدح اسباب لسنا في مقام ذكرها الان.
ولو عدنا الى وجه التشابه الاول ، الذي يمكن أن نسميه ب(صعقات كسر حاجز الجمود) الذي اتخذه ابن ادريس ، والشهيد الصدر ،وغيرهما من المصلحين من اجل تحقيق اهداف تفاعلية على المستويين النخبوي والشعبوي..
لوجدنا ان هذا الاسلوب أسلوبا أظهر فعاليته لتحريك ما يهدف تحريكه ولهذا عدة اسباب، أهمها:
حب بعض الناس بطبيعتهم للتغيير ، وعادة ما يتفاعل مع من يتخذ هذا الاسلوب التجديدي ذلك الصنف الفعال بطبيعته،
اما محبو الخمول والركود فلا ترى لهم تفاعلا، بل ربما وقف هذا الصنف الاخير موقف الضد. وربما على هذا الاساس كان تصنيف الناس بحسب تفاعلهم مع حركة الشهيد الصدر حينئذ
واخيرا يمكننا ان نقول ان سلسلة المحمدين ستبقى في كل جيل ..فنشهد في كل عصر محمد ، قد يختلف في بعض اساليبه عن سابقيه.. وهذا ما يحتاج منا الى وقفة اخرى.
نسأل الله تعالى ان يبعدنا عن التطرف بالنظر للامور وأن يكتبنا من المنصفين فأن القلم كالقاضي سيسأل يوما عما يقضي.
الشيخ حازم الشحماني
البصرة