كنت جالساً ذات يوم في حجرة مسؤول المساعدات في مكتب سماحة الشيخ (مؤسسة الباقر عليه السلام)، لأعرض عليه طلب أحد الأصدقاء للمساعدة المالية، فجاءه أحد العاملين في المكتب وقال له إن سماحة الشيخ قد ردّ هذا الكشف يريد تفاصيل أكثر، وكان الكشف مساعدة مالية دُفعت لطالب علم لدفع إيجار منزله، وكأن سماحته كان يريد منهم معرفة حال ذلك الطالب، وهل ستتكرر هذه المساعدة كل شهر، وهل أن المنزل الذي يؤجره مناسب..
وأنا شخصياً أنزعج من التدقيق في التفاصيل والمراجعة وتكرار العمل، لذا هالني ما سمعته من تدقيق في الكشوفات المالية، وكم يلزم لها من الوقت للمراجعة والحساب، وهل يمكن أن يقوم بهذا التدقيق مع كل المؤسسات التابعة له، أم أن هذا الشيء خاص بالمساعدات التي تُصرف من حق الإمام فيلزم العناية بها حتى تصل إلى مستحقيها لأنها أمانة وحق له (عليه السلام)، والمرجع وكيل عن الإمام لا ينبغي أن يتصرف في شيء إلا بعد معرفة استحقاقه.
ومع ذلك فالمساعدات والإنفاقات التي يتم توزيعها في هذا الباب (من أموال الحقوق) كثيرة، ولا يكتفي سماحته فيها بإعطاء المال، فقد يجد بدائل لصاحب الحاجة كأن يرشده إلى أطباء متعاونين مع المكتب لمعالجة المحتاجين بأجور أقل.
وتُرفع لسماحته الكثير من الكشوفات المالية بتفاصيلها كل يوم، وتقارير عن النشاطات فيزيد من الإنفاق أو يقلل بحسب نشاط كل مؤسسة، وترفع له استفتاءات من الإنترنت فيجيب بعضها ويوجهها إلى لجان في مكتبته لإجابتها.
كل هذا الإشراف يقوم به إلى جانب التحضير لدرسه في الأصول والفقه والقرآن، وهي دروس على درجة عالية من التفاصيل ونفَس عالٍ من التحقيق والمتابعة، لأنها بحوث مقارنة يستعرض فيها الأقوال ويقارنها.
ولا تقتصر المشكلة على توزيع الوقت بين هذه الأعمال، بل بتماسك المزاج، فإن الأعمال الاجتماعية والإشراف على نشاط المؤسسات يسبب مشاعر نفسية مختلفة، لأنها أعمال تتضمن الكثير من الإزعاج والغضب والمشاكل، فكيف يتحول مزاجه إلى روح الدرس والبحث والتأمل المطلوب في البحث العلمي.
ثم يخرج إلى الناس كل يوم مبتسماً مرحباً بالصغير والكبير لا يعرف ما يحمله كل زائر من سؤال ومشكلة وطلب، ثم يصلي بهم جماعةً صلاة خاشعة متمهلة.
وإنما نضطر هذه الأيام لذكر جهوده لأن له خصوماً غير منصفين يطمعون أن يحاصروه ويشوه سمعته في أعين من لا يعرفه ويُظهره كشخص طارئ على المجتمع الديني، وهو الذي وصفه الشيخ الكرامي بأنه ضلع من أضلاع الإسلام ولا يجوز لكم كسره.
بقلم الحاج عماد علي الهلالي