بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
ــــ العفة في الشعر الجاهلي وما بعده من العصور ــــ
الحلقة الثالثة : العفة بين المحبوبين والعشاق 2
تكملة لموضوع الحلقة الثانية نذكر بعض قصص العشاق العفيفون:
1. دخلت بثينة عشيقة جميل على عبد الملك بن مروان فقال لها: يا بثينة ما أرى فيك شيئا مما كان يقوله جميل؟!
فقالت: إنه كان يرنو إلي بعينين ليستا في رأسك
قال: فكيف رأيتيه في عشقه ؟
قالت: كان كما قال الشاعر
لا والذي تسجد الجباه له … مالي بما تحت ذيلها خبر
ولا بفيها ولا هممت بها … ما كان إلا الحديث والنظر
2. وعن أبي سهل الساعدي قال دخلت على جميل بثينة وبوجهه آثار الموت
فقال لي يا أبا سهل إن رجلا يلقى الله ولم يسفك دما ولم يشرب خمرا ولم يأت فاحشة أفترجو له الجنة ؟
قلت أي والله فمن هو ؟
قال إني لأرجو أن أكون ذلك.
فذكرت له بثينة فقال: إني لفي آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة لا نالتني شفاعة محمد إن كنت حدثت نفسي بريبة قط.
3. وقال بعضهم رأيت امراة مستقبلة البيت في غاية الضعف والنحافة رافعة يديها تدعو فقلت لها هل من حاجة ؟ فقالت حاجتي أن تنادي في الموقف بقولي
تزود كل الناس زادا يقيهم … ومالي زاد والسلام على نفسي
فناديت كما أمرتني وإذا بفتى نحيل الجسم قد أقبل إلي فقال أنا الزاد فمضيت به إليها فما زاد على النظر والبكاء ثم قالت له انصرف بسلام.
فقلت: ما علمت ان لقاءكما يقتصر على هذا.
فقالت: أمسك يا هذا أما علمت أن ركوب العار ودخول النار شديد ؟
اين نحن في زمان التطور والتدين وظهور الدين وبروز قباحة المجتمعات الإباحية والبعيدة عن الاخلاق والدين، اين نحن عن أولئك العفيفون المتخلقون باخلاق المجتمعات الراقية؟