كلّفت صناعة قلب صناعي قبل عدة سنوات ثلاثين مليون دولاراً ، إلَّا أنَّ هذا القلب لم يدم عمله اكثر من ستة أيام، كما أنَّ المستفيد منه لم يكن قادراً على الحركة والمشي خلال هذه الفترة. كيف يمكننا شكر الخالق على نعمة القلب التي منحها اياناً مجاناً؟
ما أجمل ما قاله القرآن : (وَفِي أنْفُسِكُم أفَلَا تُبْصِرُونَ)
وبعد ما عرفنا أنَّ المراد من القلب في الاية ليس ذلك العضو الصنوبري نقول هنا : إنَّ المراد منه هو العقل والعاطفة. يقول الله في سورة الاعراف الاية ١٧٩ : (وَلَهُم قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا) فالمراد من القلب هنا هو العقل والعاطفة ؛ لأن الفهم والادراك من شأن العقل ، كما أنّ الإحساس والشعور والحب والمعرفة من شأن العاطفة والعقل ، وكنموذج على ذلك يقول الله في الاية ١٠ من سورة البقرة : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فزَادَهُم اللهُ مَرَضَاً) هل إنَّ قلب المنافق الصنوبري يعطل من جراء مرض النفاق؟ أو أنَّ مرض النفاق يؤدي إلى اتساع في صمام القلب؟
من الواضح أنَّه لا يراد من القلب ذلك العضو الصنوبري ، ولا يراد من المرض تلك الحالة الطبيعية التي تعرض للإنسان وأعضائه. إنّ القلب هنا هو العقل والعاطفة اللتان قد يضعفان بسبب مرض النفاق إلى مستوى يسمحان للانسان قتل الابرياء في حرم الامام الرضا عليهالسلام ، فهما في الحقيقة يموتان.
نقرأ في رواية أنّ للأمر بالمعروف ثلاث مراحل : الأمر بالقلب أولاً ، وباللسان ثانياً ، وبالعمل ثالثاً. فاذا كانت المرحلة الأخيرة غير ممكنة فتتوجب المرحلتان الاوليتان. وإذا استحالت المرحلة الثانية والثالثة فعلينا بالاولى أي علينا ان نكون متذمرين من الظالمين وسلوكهم وأن نكون محبين للمؤمنين والمصلحين. واذا ترك شخص الامر بالمعروف بمراحله الثلاث فقد صدق عليه الحديث التالي : «فمن لم يعرف بقلبه معروفاً ولم ينكر منكراً قُلبَ ؛ فَجُعِلَ أعلاه اسفله». (١) وهل يراد من القلب هنا هو ذلك العضو الصنوبري؟ بالطبع لا ، لان ذلك العضو لا يتحرك من مكانه ولا يتزلزل بل المراد منه هو العاطفة والادراك.
———————————–
📕أمثال القرآن /ص55.
المرجع الديني الشيخ ناصر مكارم الشيرازي