أكدّ سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي أن الله تعالى وَعَدَ وعداً مؤكداً بأن مبغضي النبي (ص) ورسالتِه العظيمة والمسيئين إليه وإلى دين الإسلام والقرآن بالكلام أو بالرسوم أو بحرق المصحف أو بافتراء الأحاديث وتشويه السمعة سيكون مصيرهم انقطاع ذكرهم واندثار أمرهم وبتر وجودهم وهذا ما أثبتته الوقائع سابقاً ولاحقاً، ولو كان عنده شيء من متاع الدنيا الزائلة فإنه لا قيمه له مقابل ما خسره من خير الدنيا والآخرة.
وبيّن سماحة المرجع اليعقوبي (دام ظله) خلال درس تفسير القرآن الكريم الأسبوعي على جمعٍ من أستاذة وفضلاء وطلبة الحوزة العلمية بمكتبه في النجف الاشرف، في ضوء الآية الأولى من سورة الكوثر المباركة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}”. أن “كلمة (الْكَوْثَرَ) من صيغ المبالغة وقد وردت فيه عدة معاني منها: أنه الخير الكثير وانه الخير العظيم الذي أعطيه النبي (ص) ويقال: تكوثر الشيء كثر كثرة متناهية وعلى هذا فالنبي (ص) كوثر في نفسه لأنه أعظم الخلق بركة وخيراً على كل المخلوقات {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ} [مريم: 31]. وكذا أهل بيته المطهرون فهم (أولياء النعم) و (مساكن بركة الله ومعادن حكمة الله) (والرحمة الموصولة). وغيرها من المعاني الواردة في زيارة الجامعة الكبيرة.”
وبين سماحة المرجع اليعقوبي أن “واعطي الكوثر أي الخير الكثير معنى سامٍ يليق بمقام الكريم ومنه ما ورد في الروايات ان الكوثر نهر في الجنة.. ويمكن ان يكون معنى الكوثر: الحكمة بقرينة قوله تعالى {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269]. والكوثر هو الخير الكثير فالحكمة من مصاديق الكوثر.”
كما أضاف سماحته ان “من مصاديق الكوثر القرآن الكريم بأنه كتاب الله تعالى المبارك. ومن أجلى مصاديق الكوثر السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) فهي الكوثر في نفسها لأنها المعصومة المطهرة سيدة نساء العالمين وتنعم الأمة ببركة عطائها إلى قيام الساعة. وهي الكوثر لأنها سبب تكاثر رسول الله (ص) مادياً ومعنوياً لأنها البنت الوحيدة للنبي (ص) ومنها كانت ذريته الطيبة المباركة المعصومة وهم الأئمة الطاهرون وسادة الخلق أجمعين حجج الله تعالى على خلقه ومنهم تَكثّر نسل رسول الله (ص) ليبلغ الملايين بينما انقطع نسل أعدائه ومبغضيه مصداقاً لقوله (ص): (كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي)[1] وقوله (ص): (إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة وجعل ذريتي من صلبي ومن صلب علي بن أبي طالب، إن كل بني بنت ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم)[2].
وأكدّ سماحة المرجع اليعقوبي أن “السيدة الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) من أجلى وأوضح مصاديق الكوثر (إن الله عز وجل جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة وجعل ذريتي من صلبي ومن صلب علي بن أبي طالب، إن كل بني. بنت ينسبون إلى أبيهم إلا أولاد فاطمة فإني أنا أبوهم)[3].”
وقال سماحتُهُ ان هذا المعنى هو أوضح المعاني بشهادة ما نقلناه من سبب النزول، وبمقتضى المقابلة مع وصف مبغضيه بالأبتر وهو مقطوع النسل والخير، فإنهم بعد أن عجزوا عن مواجهة النبي (ص) والقضاء على دين الإسلام علّقوا آمالهم على وفاته (ص) لينتهي أمره باعتباره أبتراً لا ولد له، فأعطاه الله الكوثر مادياً بكثرة نسله من ابنته الطاهرة فاطمة الزهراء (ع) ومعنوياً بتنصيبه علياً (ع) خليفة له وحاملاً لرسالته وهكذا حفظ الدين.
[1] – تفسير الميزان: ج ١٥ / ص ٧٥، أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق: ج 21/ ص 67 باختلاف يسير.
[2] – بحار الأنوار: ج ٤٣ / ص ٢٨٤.
[3] – بحار الأنوار: ج ٤٣ / ص ٢٨٤.