ولنأخذ مثالاً من واقعكم وهو ما يحصل لطلبة السادس الثانوي فانهم يعيشون ضغطاً نفسياً كبيراً وحالة من الشد العصبي بسبب طموحهم لتحصيل درجات عالية حتى يتمكنوا من القبول في أحدى الكليات الراقية، وبسبب ضغط الاهل عليهم بهذا الاتجاه مع ما يواجهونه من صعوبات دراسية واجتماعية، وهنا يجب عليهم ان يفرّغوا أنفسهم للمطالعة والمذاكرة خلال السنة الدراسية ويبذلوا وسعهم في أيام الامتحانات لتحقيق هذا الهدف بفضل الله تعالى، ولكن اذا لم تكن النتائج على ما يريدون فان ذلك لا يعني نهاية الدنيا واليأس من الحياة الذي يدفع البعض إلى ارتكاب أفعال حمقاء وجنونية فالخيارات تبقى مفتوحة ولابد من تجاوز الحالة والتفكير بإيجابية للآتي من الأيام قال تعالى (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) (الحديد:23).
هذا مما جاء في كلمة سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي دام ظله بعنوان “نهتم بالقضايا ما دامت قائمة فاذا انتهت سلّمنا لأمر الله تعالى[1]”
واليكم نص الكلمة كاملا:
روى الشيخ الكليني (رضوان الله تعالى عليه) في كتاب الكافي بسنده عن رجل اسمه قتيبة الاعشى قال (أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) أعود ابنا له ــ كان مريضاً ــ فوجدته على الباب فإذا هو مهتم حزين، فقلت: جعلت فداك كيف الصبي؟ فقال، والله إنه لما به ــ أي ان حالته خطيرة ــ ثم دخل ــ إلى بيت العائلة حيث الصبي ــ فمكث ساعة ثم خرج إلينا وقد أسفر وجهه وذهب التغير والحزن، قال: فطمعت أن يكون قد صلح الصبي ــ أي عوفي من مرضه ــ فقلت: كيف الصبي جعلت فداك؟ فقال: وقد مضى لسبيله ــ أي مات ــ ، فقلت: جعلت فداك لقد كنت وهو حي مهتما حزينا وقد رأيت حالك الساعة وقد مات غير تلك الحال فكيف هذا؟ ــ حيث ان السلوك العام هو مضاعفة الحزن والجزع عند حلول المصيبة ــ فقال: إنا أهل البيت إنما نجزع قبل المصيبة فإذا وقع أمر الله رضينا بقضائه وسلمنا لامره)[2].
نستفيد من هذه الحادثة درساً في السلوك الحكيم والتجربة الناضجة حاصله ان الإنسان يمرُّ في هذه الدنيا بأنواع من الابتلاءات والمصاعب والتحديات والآمال والالام فعليه أن يكون بمستوى ما يقتضيه الموقف من الاهتمام والمتابعة واتخاذ الإجراءات المطلوبة وتهيئة المقدمات واللوازم حتى تتحقق النتائج المرجّوة بإذن الله تعالى وفضله وكرمه، لكن اذا لم تأتي النتائج على ما يرام فعلى الانسان أن يسلِّم لأمر الله تعالى ويرضى بقضائه وقدره.
ولنأخذ مثالاً من واقعكم وهو ما يحصل لطلبة السادس الثانوي فانهم يعيشون ضغطاً نفسياً كبيراً وحالة من الشد العصبي بسبب طموحهم لتحصيل درجات عالية حتى يتمكنوا من القبول في أحدى الكليات الراقية، وبسبب ضغط الاهل عليهم بهذا الاتجاه مع ما يواجهونه من صعوبات دراسية واجتماعية، وهنا يجب عليهم ان يفرّغوا أنفسهم للمطالعة والمذاكرة خلال السنة الدراسية ويبذلوا وسعهم في أيام الامتحانات لتحقيق هذا الهدف بفضل الله تعالى، ولكن اذا لم تكن النتائج على ما يريدون فان ذلك لا يعني نهاية الدنيا واليأس من الحياة الذي يدفع البعض إلى ارتكاب أفعال حمقاء وجنونية فالخيارات تبقى مفتوحة ولابد من تجاوز الحالة والتفكير بإيجابية للآتي من الأيام قال تعالى (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ) (الحديد:23).
والمثال الآخر ما يحصل لبعض الشباب والشابات من التعلق بالجنس الآخر والرغبة الاكيدة للزواج فعليهم أن يسعوا لتحقيق هذا الغرض الشريف بأن يأتوا البيوت من أبوابها ويجروا المقدمات المطلوبة للوصول إلى الغاية المنشودة فان حصلت فالفضل لله تعالى، وإن لم تحصل وانسدَّت كل المحاولات فلابد من الاطمئنان بأن الله تعالى يختار له الخير.
وهنا رواية أخرى بنفس هذا المضمون في المصدر نفسه عن علاء بن كامل قال (كنت جالسا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فصرخت صارخة من الدار فقام أبو عبد الله (عليه السلام) ثم جلس فاسترجع ــ أي قال: إنا لله وإنّا إليه راجعون ـ وعاد في حديثه حتى فرغ منه ثم قال: إنا لنحب أن نعافى في أنفسنا وأولادنا وأموالنا فإذا وقع القضاء فليس لنا أن نحب ما لم يحب الله لنا.)[3]
ومن لا يقتنع بهذا الدرس ولا يستفيد من هذه الحكمة فليتأمل في نتائج ما يحصل لو عاش حالة الاسى والالم وقضى أيامه حزيناً كئيباً هل يستطيع تغيير الواقع الذي فات؟ الجواب: لا بالتأكيد وبالعكس فانه سيضرّ صحته وعمله وعلاقته بالآخرين ومجمل حياته، فلماذا نخوض تجربة مريرة طويلة ونتكبد الخسائر الفادحة ثم نصل إلى النتيجة التي لخّصها لنا الائمة المعصومون (عليهم السلام)، فالإنسان الحكيم ذو البصيرة يستفيد من هذه الحكم والمواعظ من اول الامر خصوصاً انتم الشباب في مقتبل العمر وفي اول مراحل بناء مستقبلكم فاختصروا الطريق بالاستفادة من هذه الروايات التنموية.
رابط الكلمة
[1] – من حديث سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي مع شباب موكب الامام الجواد (عليه السلام) من ناحية البطحاء في محافظة ذي قار يوم الخميس 21 محرم 1439 المصادف 12/10/2017.
[2] – الكافي: 3/225، كتاب الجنائز، باب الصبر والجزع والاسترجاع ، ح11
[3] – الكافي: 3/226 ، كتاب الجنائز، باب الصبر والجزع والاسترجاع ، ح13