بعد أيام قليلة نستهل شهراً مباركاًيحمل بين جنباته رحمة من الله وعفواً فاز من أحاط بها وقد تناول المرجع اليعقوبي دام ظله أهمية الصدقة والاستغفار في هذا الشهر الفضيل مبيناً:
3- جعل أهم عمل فيهما هو الاستغفار والصدقة بل إن شهر رجب خص باسم شهر الاستغفار فعن الصادق (عليه السلام) أنه قال: (قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رجب شهر الاستغفار لأمتي فأكثروا فيه الاستغفار فإنه غفور رحيم ويسمى رجب الأصب لأن الرحمة على أمتي تصب صباً فيه فاستكثروا من قول: استغفر الله واسأله التوبة)، وفي حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): (ما أفضل ما يفعله فيه (أي شعبان) قال: الصدقة والاستغفار ومن تصدق بصدقة في شعبان رباها الله تعالى كما يربي أحدكم فصيله حتى يوافي يوم القيامة وقد صار مثل أحد)(1).
أثر الصدقة والاستغفار في تنقية القلب
ونحن نعلم اثر هذين العملين في تنقية قلب المؤمن وتهذيب نفسه لتتأهل للكمال، كالأرض إذا أريد لها أن تنتج ثماراً طيبة فلا بد أولاً من تنقية الأرض وتنظيفها من الشوائب، وهكذا النفس والقلب فإنهما قد تكدرا خلال السنة باتباع الهوى والخوض في أمور الدنيا مما يجعلهما غير مؤهلين لاستقبال النفحات الإلهية في شهر رمضان، فلا بد من تطهيرهما وتهذيبهما بالصدقة خصوصاً صدقة السر التي تطفئ غضب الرب كما في بعض الأحاديث، والاستغفار خصوصاً مع الالتفات إلى المعنى الحقيقي للاستغفار الذي شرحه أمير المؤمنين (عليه السلام) لرجل قال بحضرته: (أستغفر الله) فقال له (عليه السلام): (إن الاستغفار يقع على ستة معانٍ، أولها: الندم على ما مضى، والثاني العزم على ترك العود إليه أبداً، والثالث: أن تؤدي إلى المخلوقين حقوقهم (المادية والمعنوية(2) .. والرابع: أن تعمد إلى كل فريضة عليك ضيّعتها فتؤدي حقها، والخامس أن تعمد إلى اللحم الذي نبت على السحت فتذيبه بالأحزان..، والسادس: أن تذيق الجسم ألم الطاعة كما أذقته حلاوة المعصية، فعند ذلك تقول: أستغفر الله)(3).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مفاتيح الجنان.
(2) المادية: من أموال وأغراض ونحوها، والمعنوية: كرد اعتبار من أسأت إليه أمام الآخرين بأن تعتذر له وتعترف بخطأك أمامهم.
(3) نهج البلاغة: الجزء الرابع، صفحة 97.