ألقى سماحةُ المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي خطابه الفاطمي السنوي أمام الآلاف من زوار الامام أمير المؤمنين (ع) في ساحة ثورة العشرين الذين وفدوا الى النجف الاشرف بمناسبة ذكرى استشهاد سيدة نساء العالمين السيدة الزهراء (ع).
وأكد سماحة المرجع اليعقوبي خلال خطابه. الموسوم بـ “السيدة الزهراء (ع) تكشف سبب الأعراض عن الحق” وفي ضوء الآية الكريمة {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}. [البروج: 8] والتي تصف الموقف البطولي لإصحاب الاخدود الذي تتجلى فيه أسمى درجات الصبر. والتمسك بالعقيدة في مواجهة أساليب التعذيب الوحشي والقتل الذي يمارسه الطغاة المستكبرون ضد المؤمنين الثابتين على الحق.
وأشار المرجع اليعقوبي إلى إنّ “الآية الكريمة (محل البحث) تكشف سرِّ نقمة أولئك الطغاة المستكبرين. من المؤمنين ومعاداتهم لهم، وهو ثبات إيمانهم بالله تعالى وتمسكهم بشريعته والتزامهم بالمنهج الرباني القويم في حياتهم، فلم يقتلوهم لجريمة ارتكبوها أو بدعة أحدثوها. أو فساد نشروه وهم أبرأ الناس من كل ذلك.”
وبيّن أن “العاملَ المهم والرئيسي الذي كان سبباً في صبر الانسان الضعيف ذي الجلد الرقيق الذي تؤلمه البقّه كما وصفه أمير المؤمنين (ع). ودفعه إلى الإقدام على الاحتراق بالنار؟ إنه إيمانه الراسخ. بالحق الذي هو عليه قال الإمام الصادق (ع). (ما ضعف بدن عما قويت عليه النية) وأعانه الله تعالى على ذلك بأن كشف له الجنة ونعيمها فهو منشغل بالتلذذ بها فوقت. الوقوع في أسر الشهوات وعصم نفسه من المعاصي، وأراه جهنم فهانت عليه نار الدنيا ومصائبها ومشاكلها، لافتاً الى العاقبة السيئة البائسة للظالمين المشار اليها في سورة البروج تشمل كل. مثيري الفتن ومسببيها باتجاهاتها المتنوعة كالشبهات العقائدية والمفاسد الأخلاقية والانحرافات الفكرية والاجتماعية والاغراءات المالية والخدع السياسية وغيرها.”
وقال المرجع اليعقوبي إنّ ا”الآياتِ الكريمةَ التي حكت حادثة الاخدود توصل رسالة واضحة بعظّمة دين التوحيد والإسلام وما أنعم الله تعالى به من المنّة. بحيث يستحق كل هذه التضحيات وليدفع غير المسلمين إلى التأمل في هذا الدين بإنصاف وموضوعية ليعرفوا كيف يربّي أبناءه. ويجعلهم في أرقى حالات الرضا والتسليم وهم يتعرضون. لأشد ألوان المحن والمصائب، وهذا ما حصل للشعب الفلسطيني المسلم في أحداث غزة الأخيرة. فإن المشاهد العاطفية للجد الذي يودِّع حفيدته بهدوء وتسليم وهو يقبلّها ويصفها بأنها روح الروح والأم التي تنعى . وحيدها الذي انتظرته سنين وأنفقت الأموال حتى ترزقه. والأطفال الذين يطمئنون آبائهم وأمهاتهم وهم تحت الأنقاض الثقيلة، هذه المشاهد العاطفية الإنسانية وما صاحبها من حالات الصبر والثبات والإصرار على نيل الحق هزّت ضمير العالم. ودفعت غير المسلمين إلى التعرّف على دين الإسلام الذي ألهم أتباعه هذا السلوك السامي وأعتنق الإسلام عدد منهم.”
وأكدّ سماحتُهُ على “ضرورة إيصال صوت مدرسة أهل البيت (ع) وتضحياتهم الجسيمة. من أجل الدين ونصرة الحق الى العالم خصوصاً ما جرى على السيدة فاطمة الزهراء (ع) وولدها الإمام الحسين (ع) في يوم عاشوراء فإن ما لاقوه أفظع وأشدّ إيلاماً لكل ضمير حي مما شاهدوه في غزة، وستكون هذه أبلغ دعوة للإسلام المحمدي الأصيل الذي حفظه أهل البيت (ع) وأوصلوه إلى الأجيال.”
ولفت المرجع اليعقوبي الى “أهمية إحياء الشعائر الدينية وأثرها الكبير في حفظ وإدامة الحق، فكما نقل الله تعالى لنا مظلومية المؤمنين في العصور السابقة كشهداء حادثة الأخدود لنتفاعل معها . ونتبرأ من الظالمين أعداء الله تعالى ورسوله وننشر عقيدة العدالة. والاستقامة والسلام وتكريم الإنسان فعلينا أن نؤدي نفس هذه الرسالة في تعظيم شعائر أهل بيت العصمة (سلام الله عليهم) والتذكير بمظلوميتهم ولا ننظر إليها على أنها. مجرد حوادث تاريخية انقضى زمانها. ”