لا خلاف بين علماء الإمامية في عدم وجوب الزكاة في مال الصغير من النقدين ما لم يتّجر به ففيه خلاف ((وفي المقنعة، إن ذلك مذهب آل الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، وقد نقل عليه الإجماع في السرائر والمنتهى ونهاية الأحكام والروضة والمدارك وغيرها.
وإنما الخلاف في الغلات والمواشي، فالمشهور كما في كشف الالتباس والحدائق والتحرير عدم الوجوب في شيء من غلات الطفل ومواشيه، وفي الرياض: أنه خيرة المتأخرين كافة وجماعة من أعاظم القدماء، وفي المدارك: أن الاستحباب في الغلات خيرة الحسن وأبي علي وعلم الهدى وعامة المتأخرين)).
وتتلخص أقوال علمائنا في المسألة كالتالي: –
1-عدم الوجوب مطلقاً، أما في النقدين فمجمع عليه، وأما في الغلات والمواشي فهو قول المشهور مع اختلافهم في استحبابها في النقدين إذا اتجر بهما، والغلات دون المواشي، أو فيهما، أو عدم المشروعية أصلاً.
2- الوجوب مطلقاً وهو ظاهر إطلاق ابن حمزة (قدس سره).
3- التفصيل بين عدم الوجوب في النقدين إلا إذا اتجر بهما فتجب ووجوبها في الغلات والمواشي وهو مختار الشيخ المفيد (قدس سره).
4- التفصيل بين عدم الوجوب في النقدين مطلقاً واستحبابها إذا اتجر بهما، ووجوبها في الغلات والمواشي وهو قول الشيخ الطوسي (قدس سره).
وأقوال العامة في المسألة أربعة: –
1- الوجوب مطلقاً وهو المشهور.
2- عدم الوجوب مطلقاً
3- التفصيل فيجب في الزروع والمواشي دون غيرها.
4- التفصيل بين الزروع فتجب فيها الزكاة وغيرها فلا تجب وقد نسبه ابن قدامة إلى أبي حنيفة.
واستدل النافون لوجوب الزكاة مطلقاً – بوجوه وعمدة ما ذكروه- أمران: أحدهما عام والآخر خاص بهذه المسألة، وهما:
(الأول) حديث الرفع وهو حديث رفع القلم عن ثلاثة أحدهما الصبي حتى يحتلم، قال الشيخ الطوسي (قدس سره) في الخلاف: ((ويمكن أن يستدل بما روي عن النبي (صلى الله عليه واله وسلم) أنه قال: (رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى ينتبه، وعن المجنون حتى يفيق).
(الثاني) الروايات الخاصة التي نفت وجوب الزكاة في مال الصغير كصحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (ليس في مال اليتيم زكاة). وصحيحة أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ليس على مال اليتيم زكاة، وإن بلغ اليتيم فليس عليه لما مضى زكاة ولا عليه فيما بقي حتى يدرك، فإذا أدرك فإنما عليه زكاة واحدة ثم كان عليه مثل ما على غيره من الناس). وصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) قال: (سألته عن مال اليتيم، فقال: ليس فيه زكاة). وخبر أبي المحسن (أبي الحسن) عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (كان أبي يخالف الناس في مال اليتيم ليس عليه زكاة). وخبر قرب الإسناد بسنده عن العلاء قال: (قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): هل على مال اليتيم زكاة؟ قال: لا).
والرأي المختار لسماحة الشيخ اليعقوبي: إن الأقوى هو قول الشيخ المفيد (قدس سره) وخلاصته عدم وجوب الزكاة في النقدين من مال الصغير، إلا إذا اتجر بهما فتجب، وقد احتطنا استحباباً في تعميم الحكم إلى كل العملات النقدية، والأحوط وجوب الزكاة في الغلات والمواشي مع ملاحظة ما اخترناه في مسألة سابقة من شمول الغلات لغير الأصناف الأربعة التي اقتصر عليها المشهور.
انظر موسوعة فقه الخلاف لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)، ج/5 , ص387 , والصادر عن دار الصادقين 1441/2020.
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية