يمكن تصور عدة أنحاء لأخذ المال:
الأول: أخذ المال مقابل موافقة صاحب العضو المقطوع على إجراء العملية والقيام ببعض مقدماتها كالذهاب إلى المستشفى وهذا جائز بلا خلاف، ومن الفقهاء من حدَّد جواز أخذ المال بهذا النحو كالسيد الخوئي (قدس سره).
الثاني: أخذ المال بإزاء إسقاط حقه في العضو واختصاصه به وإنهاء سلطنته على التصرف فيه بعد قطعه، وقد اتفقوا على جوازه أيضاً.
الثالث: أخذ المال بإزاء بيع العضو وأخذه عوضاً عنه، ودخول المورد في عمومات [وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا] (البقرة: 275) و [إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ] (النساء:29) وقد منعه جمع كالسيد الخوئي (قدس سره) فقد سئل عن شراء بعض أعضاء الإنسان كالقرنية من البنوك في الدول الأجنبية إن كان محتاجاً إليها، فأجاب (قدس سره): ((نعم يجوز إن كانت تنفع المشتري أن يقتني بغير عنوان البيع فيدفع ثمناً لأخذها ولا يقصد الشراء به)).
وقد اختلفوا في جوازه حيث أشكلوا من عدة جهات:
أولاها: أن الإنسان الحر ليس مالاً لذا لا يجوز بيعه وهبته ولا تصح معاوضته بأي نحو كان، فأعضاؤه كذلك، ويشترط في المبيع أن يكون مالاً.
ثانيتها: ما دلّ على أنه لا بيع إلا في ملك والإنسان لا يملك أعضاءه فبيعها باطل.
ثالثها: إن العضو المقطوع ميتة لا يجوز بيعها.
رابعها: إن الأعضاء المبانة نجسة وقد ثبت بالاستقراء حرمة بيع النجاسات كالخمر والكلب والخنزير والعذرة، قال بعض الأعلام: ((إن الأعضاء المبانة محكومة بالنجاسة الذاتية، وقد دلّ الدليل على عدم جواز بيع النجاسات الذاتية وإن كانت لها منافع شائعة، كقوله عليه السلام: (ثمن العذرة من السحت). فالعذرة وإن كانت لها منفعة شائعة كالتسميد لكن لا يجوز بيعها وشراؤها، وحيث لا خصوصية للعذرة فكل نجاسة ذاتية تكون كذلك)).
خامسها: وهو يتعلق ببيع المني والبويضة فقيل بالحرمة من جهة نجاستها.
ويرى سماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله) عدم تمامية أي دليل على حرمة بيع الإنسان بعض أعضائه حال حياته. نعم يبقى الإشكال من جهة وهي عودة الجزء إلى مالكه الحقيقي بعد القطع وانتهاء الاستخلاف ولا يصح بيع ما ليس له. وجوابه : أن هذه الأحكام إنما تجب في العضو المقطوع لو لم يكن هناك غرض لاستعماله والاستفادة منه وإلا فإن عمليات جراحية تتطلب انتزاع العضو مؤقتاً كالقلب المفتوح فهل نقول بوجوب إجراء الأحكام عليه.
وعلى أي حال فالأحوط أخذ العوض يكون مقابل موافقته على إجراء العملية والقيام ببعض مقدماتها كالذهاب إلى المستشفى. فلو قطع العضو منه بدون فعل منه كما لو ذهب بحادث أو حرب أو تفجير والعياذ بالله فإنه ليس له أخذ مال على النحو الأول؛ لأن القطع قد حصل فيكون من تحصيل الحاصل و لكن أيضاً يمكن أخذ المال في النحو الثاني للتنازل عن حق الاختصاص به.
انظر موسوعة فقه الخلاف لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) ج/12, ص 296 والصادر عن دار الصادقين 1441-2020.
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية