إذا كان الشخص في سفر فحكمه الإفطار لحرمة الصوم في السفر، وإن عزم على العودة إلى وطنه أو ما بحكمه، فحكم الإفطار باقٍ ما دام خارجاً.
فإن لم يرتكب المفطر في الخارج: ودخل قبل الزوال وجب عليه تجديد نية الصوم ويجتزى به، وإن دخل بعد الزوال أو تناول المفطر أثناء سفره فلا يصح منه الصوم ووجب عليه القضاء، وإن استحب له الإمساك بقية اليوم.
هذا هو المشهور حتى قيل بأنه ((هو الصحيح الذي لا خلاف فيه بين أصحابنا والأصل الذي يقتضيه المذهب))([1]).
وقد حُكي الخلاف عن ابن زهرة فقال: بعدم صحة صومه مطلقاً وعليه القضاء وأطلق (استحباب الإمساك للمسافر إذا قدم أهله)([2]) من دون تفصيل بين ما قبل الزوال وما بعده، كما خالف الشيخ (قدس سره) فأطلق في النهاية وجوب إتمام الصوم والاجتزاء به قائلاً: (المسافر إذا قدم أهله، وكان قد أفطر، فعليه أن يمسك بقية النهار تأديباً، وكان عليه القضاء، وإن لم يكن قد فعل شيئاً ينقض الصوم، وجب عليه الإمساك، ولم يكن عليه القضاء، فإن طلع الفجر وهو بعد خارج البلد كان مخيراً بين الإمساك مما ينقض الصوم ويدخل بلده، فيتم صومه ذلك اليوم وبين أن يفطر)([3]) وقال: (والأفضل إذا علم أنه يصل إلى بلده، أن يمسك عمّا ينقض الصيام، فإذا دخل إلى بلده تمم صومه ولم يكن عليه قضاء).
لكنه (قدس سره) التزم في المبسوط بتفصيل المشهور فقال: ((فأما إذا أمسك في أول النهار ثم دخل البلد وجب عليه الامتناع وتجديد النية إن كان قبل الزوال ولا قضاء عليه، وإن كان بعد الزوال أمسك وعليه القضاء))([4]).
والراي المختار لسماحة الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) أن من سافر من أهله قبل طلوع الفجر يتعين عليه الإفطار في السفر ، وإن من سافر بعد الفجر تخيَّر إن خرج قبل الزوال , وإن صام برجاء المشروعية فالأحوط له القضاء، أما من خرج بعد الزوال فيصوم ويجتزئ به.
أما من عاد إلى أهله، فإن طلع عليه الفجر وهو خارج بلده فهو مخيَّر في الطريق بين الإمساك لتجديد نية الصوم إذا وصل قبل الزوال، أو الإفطار وعليه القضاء، وكذا هو مخيّر إذا وصل بلده ولم يتناول مفطراً، لكن الأحوط له تجديد نية الصوم والاجتزاء به.
وإذا وصل بعد الزوال فلا يصح منه الصوم ، إلا أنه يلزمه على كل حال قضاء ذلك اليوم، إلا إذا نوى الصوم في الطريق قبل الزوال فله إتمامه بنية رجاء المشروعية إذا دخل أهله بعد الزوال والأحوط له القضاء.
و المعتبر في الدخول قبل الزوال هو البلد وليس حد الترخّص ولا داره. و لا يشترط في صحة الصوم المندوب عودة المسافر إلى بلده قبل الزوال خلافاً لشهر رمضان، فإذا رجع المسافر إلى أهله بعد الزوال ولم يتناول مفطراً يصح منه الصوم المندوب، خلافاً لشهر رمضان؛ لوجود المقتضي وهو امتداد نية الصوم المندوب إلى المغرب وهو المشهور المنصور([5]). وعدم وجود المانع وهو دخول البلد بعد الزوال لاختصاص التفصيل بصوم شهر رمضان.
انظر موسوعة فقه الخلاف لسماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) , ج/3 , ص 177 الصادر عن دار الصادقين 1441/2020
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([1]) السرائر لابن إدريس: 1/407 وكذا غيره، راجع مستند الشيعة: 10/366.
([2]) جواهر الكلام: 17/6.
([3]) النهاية: 160.
([4]) المبسوط: 1/284.
([5]) كما في صحيحة أبي بصير قال: (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصائم المتطوع تعرض له الحاجة، قال: هو بالخيار ما بينه وبين العصر، وإن مكث حتى العصر ثم بدا له أن يصوم وإن لم يكن نوى ذلك فله أن يصوم ذلك اليوم إن شاء) وسائل الشيعة: كتاب الصوم، أبواب وجوب الصوم ونيته، باب 3، ح1.