[[ المشكلة الحقيقية مع المرجع اليعقوبي ]]
بحسب احتكاكي مع عدد من أساتذة النجف الأشرف و طلبة العلم المُجدين حقيقة لا مجاملة ، و المواضبين على الدرس عند كبار أساتذة النجف وكذلك جملة من المثقفين الذين على احتكاك و تماس بالشخصيات الدينية المرموقة فإني أسمع منهم ما لا تسمعوه من ثلة المعممين المهرجين و المتملقين الذين يطفون على سطح ” الگباحة ”
في الجلسات الخاصة مع أهل العلم عندما أفتحُ شخصيا موضوع اجتهاد و مرجعية شيخنا الأستاذ المرجع اليعقوبي ، فيصرحون بإنهم لا مشكلة عندهم في اجتهاده و فقاهته بل و يظهر منهم الاستعلاء عن الكلام باجتهاد سماحته تسليما به و عدم استعظام الحصول على ملكة الاجتهاد عندهم لا كما يصورها المهرجون للصبية و كأنها وحي يوحى
وهذا الاستعلاء منهم انا أفهمه جيدا ، فحقيقة الذي يتكلم في قضية اجتهاد سماحة المرجع اليعقوبي هذا إما طالب علم بطّال ليس له من تحصيل العلم شيء و إما كذاب بشكل صريح فيقول ما لم يحققه بنفسه بل ما لا قدرة له على تحقيقه أصلا
ولذلك الذين حدثتكم عنهم رغم تقاطعهم الواضح مع مرجعية الشيخ اليعقوبي و الحرص على عدم تأييد مرجعيته بأي شكل من الأشكال إلا إن احترامهم للبحث العلمي و احتراما لما يملكونه من قدرة علميه في التشخيص فهم يصرحون إن لا مشكلة لنا بالتسليم باجتهاد الشيخ اليعقوبي لكن مشكلتنا الحقيقة معه هو في استعجاله في التصدي للمرجعية وهو صغير العمر إضافة لوجود أساتذته أحياء يرزقون ، وبالتالي لا نريد أن نفتح هذا الباب أمام غيره على خلاف عادة حوزة النجف المتوارثة
هذا الكلام انا شخصيا أحترم قائله لإنه لا ينزل إلى حضيض كلام المهرجين و الباحثين عن فرص إثبات الولاء بطرق التسقيط التي تبين ضحالتهم العلمية و إنهم ببغاوات باحثة عن ” العفية ” و ” المغانم ”
خلاصة الكلام فاجتهاد شيخنا الأستاذ بين أهل العلم الذين يحترمون عقولهم من المسلمات عندهم و الإشكال على مرجعيته من جهة ثانية مختلفة تماما لما يجترهُ المتملقون اجترارا و خلاصة إشكال أهل العلم هي في مخالفة شيخنا الأستاذ للأتكيت و الروتين المعتاد في حوزة النجف
ودعوني أعرّج معكم للكلام عن هذا الإشكال ، فأقول أولا من حق أساتذتنا الأعزاء و زملائنا من طلبة العلم أن يتبنون رؤيتهم الخاصة للأمر بحسب خبرتهم الطويلة وهذا أحترمه شخصيا ، لكن قد يغيب عنهم تفاصيل لم يطلعوا عليها لانشغالهم أو لغيرها من الأسباب و سأختصرها بنقاط
1.سماحة شيخنا الأستاذ من عاصر فترة حركته الإسلامية منذ 1999-2003 يعرف إنّهُ كان عاملا تحت شرعية المرجعية الشريفة ولم يتصدى للمرجعية ، وقد يقول قائل كان ذلك بسبب خوفه من السلطة فنقول لطالما خاطر سماحته في مواقف عديدة مع النظام كاعتراضه على قرار نزع الحجاب في الصور للطالبات و كمهاجمته لتلفزيون الشباب الذي يديره عدي و محاضراته الشرسة ( ماذا خسرت الأمة عندما ولت أمرها من لا يستحق ) وكان ذلك في الزمن الذي يخشى فيه الرجل من الجدار الذي بجانبه ، فاحتمال الخوف بعيد و إنما لم يرَ موجب للتصدي لكون ما يراه من مهام كان يستطيع أن يقوم بها من دون حاجة للتصدي فهي ضمن الإطار العام وكان يكتفي بوكالة من الشيخ الفياض دام ظله لقبض الحقوق الشرعية
2.بعد 2003 أصبحت التحديات كبيرة و المشاريع المطروحة متعددة جدا و التيارات الفكرية كثيرة ، و هي مرحلة جديدة لا تُقاس بمرحلة ما قبل 2003 ، وكثير من التحركات تحتاج إلى غطاء شرعي يتمثل بالمرجعية ، فطرح سماحته مشروعه و خطواته المقترحة على عدة جهات لكن رفضوا تبنيها رغم تعهده بالمساعدة على تنفيذها و الإشراف عليها من دون إعلان مرجعيته ( راجع مذكرات سماحته لمعرفة التفاصيل )
3.بعد هذه و تلك أصبح سماحة شيخنا الأستاذ مضطرا لإعلان اجتهاده ليستطيع العمل بمشروعه الذي لم يتقبل الآخرون العمل به تحت غطائهم الشرعي ، فهو بينه و بين ربه قد أفرغ ذمته و جعل آخر حل عنده هو أن يعلن اجتهاده ، ولم يجعله الحل الأول و إلا لو أرادها منذ 1999 لحصل عليها و لو كان طامعا في حطام الدنيا لقدّم التنازلات المبدئية للسلطة أنذاك و دعمته و أعلنته مرجعا رسميا وسلمته المقاليد ولم يتصادم معها في مواطن عديدة
4.أتكيت عدم التصدي للمرجعية بعمر الـ40 و الـ50 ، يبقى مجرد أتكيت وروتين متعارف ليس عليه حجة شرعية ، فلا يوجد وجه شرعي لاشتراط ان يكون مرجع التقليد كبير العمر ، أو دليل شرعي يحرّم بموجه تصدي أحد في عمر الـ40 أو الـ 50 ، وقد تصدى السيد باقر الصدر للمرجعية من قبله في مقتبل عمره مع وجود أستاذه السيد الخوئي
5.نفس الكلام نقوله بخصوص الإشكال على تصديه مع وجود أساتذته كالسيد السيستاني و الشيخ الفياض ، فالإشكال هو من باب وجهة النظر وليس عليه حجة شرعية يحرم بموجبها تصدي التلميذ بوجود أستاذه
6.لو كان نمط مرجعية شيخنا الأستاذ المرجع هو نسخة مكررة من مرجعية أساتذته ، لقلتُ شخصيا إن تصديه ليس ضروريا فلا يترتب عليه جديد يخص الحركة و الأمة الإسلامية ، لكن نمط مرجعيته هو امتداد لنمط مرجعية السيد باقر الصدر و السيد محمد الصدر ، وهو نمط مغاير لما هو موجود و أراد اليعقوبي أن يكون مخلصا له فلا يندثر ، وقد تصدى بعد رحيل أستاذه السيد محمد الصدر بنسوات ، وهو ابن هذه المدرسة و حامل رايتها
على كل حال ما أردته من هذا المقال أن أوضح لكم أين حقيقة إشكال أصحاب العلم و الدرس و التدريس ، وهو إشكال فني و ليس إشكال علمي ، فكما أخبرتكم إنهم لا مشكلة عندهم مع اجتهاد و علو كعب سماحته في الميدان الاجتهادي
و أما ما تسمعونه من فلان شيخ و فلان سيد فهم أصحاب تملق و يريدون أن يثبتوا ولائهم عن طريق النيل من سماحة شيخنا الأستاذ فهم يأمنون جانبه و يعرفون أن لن يصيبهم أذى في النيل منه ، وقد تكبر ألقابهم بين الشباب الأغرار ، إلا أن واقعهم العلمي مخزي حقيقة ، وأكبر دليل على ضحالتهم العلمية هو تكرار الكلام عن مسألة اجتهاد سماحة شيخنا الأستاذ الذي أخرس بدرسه الألسن على طوال 18 عاما يصول فيها في ميدان الاستدلال الفقهي بدرس من أبرز الدروس عمقا و أكثرها توسعا
ليس القضية قضية تعصب اتجاه مرجعية شيخي و أستاذي سماحة المرجع اليعقوبي و لكن والله و بالله إني أعتبر التهريج بمسألة اجتهاده من قبل بعض العمائم هو دليل على إحدى اثنتين إما قلة ورع فيكذب المتحدث على الحضور أو هو جهل مركب يدل على تدني المستوي العلمي للمتحدث
بقلم الشيخ ربيب النجفي