(الحلقة الحادية عشر): قال الله العظيم في محكم كتابه الحكيم: ﴿ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا﴾ البقرة: ٢١٧.
نعيش هذه الأيام ذكرى فاجعة رحيل المرجع العامل والشهيد العادل السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره)، ذلك المرجع الذي ضحى بنفسه في سبيل الدين ومذهب أمير المؤمنين (عليه السلام). والكثير يعلم أنه (قدس) قد أوصى بعدة وصايا قبل استشهاده لحفظ الدين والمجتمع ومن أهمها تلك الوصايا التي خصت المبادئ والقيم السماوية والقيادة المرجعية، وحديثي في هذه الحلقة عن المبادئ والقيم السماوية حيث قال (قدس): (الدين بذمتكم والمذهب بذمتكم……).
إن أعداء الإسلام والمذهب لا يفترون عن مواجهة المجتمع المعتنق لهذه العقيدة الحقة بل إنهم يبذلون أقصى ما يستطيعون للقضاء على الدين وبالخصوص مذهب أهل البيت (عليهم السلام) والمعتنقين لهذا المنهج الإلهي، ويتخذون أساليب متنوعة في سبيل ذلك، فتارة نجدهم ينشرون الرذائل وتارة أخرى يشجعون على المخدرات وتارة أخرى ينشرون الشبهات، وهكذا حتى وصلوا إلى جعل المسلم يقتل أخاه ويكفره ولم يكتفوا حتى جعلوا أبناء المذهب الواحد يقتتلون، وتحت عناوين متعددة، فتارة تحت عنوان السياسة وتارة أخرى تحت عنوان الدين وتارة بسبب الاختلاف بالرأي، وهو الأخطر حتى وصل الأمر إلى التشكيك بالثوابت التي لا يخطر على بال أحد التشكيك بها فيما هم أي – الأعداء – يرتعون بنهب خيرات المسلمين وتخريب اقتصادهم وتدمير أخلاقهم وفي بعض الأحيان بإرادة وإدارة المسلمين أنفسهم وهم صاغرون.
وبعد هذه المقدمة أود من أبناء الحوزة الشريفة وجميع المؤمنين الذين يؤمنون بأن الإسلام متحرك لا يسكن بل يبث الحياة ويقود الأحياء وينفع حتى الموتى في القبور أن يفكروا في إيجاد السبب في انتشار المناهج الضالة، وبمختلف مسمياتها وبتراجع الوجود الديني في الساحة الاجتماعية؟!!
ألا يتطلب هذا الأمر إلى مراجعة جادة؟! ألا يتطلب وضع خطط للنهوض بالواقع؟! ألا يتطلب منا أن نحاسب أنفسنا ونحن نرى ضياع الفرص من بين أيدينا ولا يصدر منا إلا الدعاء بالويل والثبور؟!.
إننا نحتاج إلى أن نتأمل كثيراً في ذلك خصوصاً نحن الذين ندعي الانتساب للمنهج الحركي، ونضع أنفسنا في الميزان ونرى من يثبت منا ومن لا ينطبق عليه هذا العنوان الشريف، وسأذكر بعضاً من أجوبة هذا التراجع:
١- إنشغالنا بسفاسف المشاكل والتي نجعل منها غولا يبتلع العمل والعاملين.
٢- الكسل الناتج عن حب الدنيا .
٣- حب الرئاسة والريادة لدى البعض حتى ولو على حساب العمل والقيادة المرجعية النائبة بالحق .
٤- الاستجابة للمؤثرات الخارجية والانبهار بالمشاريع الأخرى والغفلة عن ما حبانا الله به من فضله على مستوى القيادة المرجعية وعلى مستوى المشروع وغيرها من الأمور التي أعرض عن ذكرها تجنبا لإثارة النفوس …..
أيها الإخوة الكرام ..
ما أود أن أقوله والفت انظاركم اليه أن ساحات العمل مفتوحة على مصراعيها وهذا ليس تخمينا لأني أبن الساحة والواقع، ولا يقفن احد منكم في ساحة واحدة أغلقت عنه أو لم تناسبه وليبحث عن ساحة أخرى ليغطيها جزاه الله خيراً، وإلا فسنقف طويلاً أمام صاحب العصر والزمان (عج) وفي ساحة الحشر لما قصرنا به من السعي الجاد للتمهيد لدولته المباركة.
ولا يدعي أحد عدم إمكانية العمل بل عليه أن يراجع قدراته وإمكانياته الذاتية فالفشل ليس موضوعياً في الأعم الأغلب بل ذاتي، وإذا كان الشخص يفشل في محافظة أو منطقة ما وهو رسالي وبسبب الظروف الموضوعية فعليه الانتقال إلى ساحة أخرى وبرامج وآليات مغايرة للحفاظ على الهدف الرئيسي الذي ضحى من أجله الأنبياء والأولياء، ومنهم صاحب الذكرى الذي ما زال نداءه يقرع اذان العاملين (الدين بذمتكم والمذهب بذمتكم) فسلام عليه يوم ولد ويوم أستشهد ويوم يبعث حيا
الخطيب الحسيني السيد رسول الياسري
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية