هناك نساء بلغن أوج الأمجاد وذاع صيت طهارتهن وعفتهن بين العباد وفي البلاد ، ومن هؤلاء السيدة ام البنين التي التمست من أمير المؤمنين عليه السلام أن لا يناديها باسمها فاطمة تكريما للاسم الأعظم للسيدة الزهراء عليها السلام وللحسن والحسين عليهما السلام . هذه المراة كانت معروفة بابهى الصفات العالية والفاضلة فهي عفيفة وطاهرة ولسنة فصيحة ونبيهة وعارفة ، إلا إن الصفة الأبرز التي برزت فيها هي صفة الوفاء لمحمد وال محمد عليها الصلاة والسلام .
فمن هي أم البنين ؟ أم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الكلابية ( ما بين ٥ و٩ للهجرة – ٦٤ للهجرة ).
والدتها تمامة بن سهل بن عامر بن كلاب ، نشأت في عائلة تتميز بالفصاحة والشجاعة والكرم ولذا كان اختيارها من الإمام علي (ع) زوجة لها بإشارة من عقيل .
كانت معروفة بجمال وطهارة الجوهر والمظهر ، وكانت ممحضة الولاء لآل محمد (ص) كما عبر الشهيد الأول . أولادها : العباس وعبد الله وجعفر وعثمان . عاشت طيلة حياتها كل معاني الطهر والعفاف والذائع عنها أنها عاشت بوفائين احدهما لعلي (ع) فلم تتزوج بعده بالرغم من عروضات الزواج ، وثانيهما للحسين (ع) حيث أنها بكته قبل أولادها وذكرته اكثر من أولادها .
تزوجها الإمام علي عليه السلام بمهر خمسمائة درهم بعدما وجد طلبه فيها وفي مواصفات الزوجة التي ستلد لها فرسانا شجعانا وبالطبع فقد إثر انتخابها له من قبل عقيل بعدما ذكر له الإمام علي عليه السلام الصفات المطلوبة
مما قاله الشيخ المامقاني في حقها في كتابه تنقيح المقال: ويستفاد من قوة إيمانها أنّ بشرا كلما نعى إليها أحد أولادها الأربعة قالت ما معناه أخبرني عن الحسين فأخذ ينعي لها أولادها واحدا واحدا حتى نعى إليها العباس عليه السلام قالت: يا هذا قطعت نياط قلبي، أولادي ومن تحت الخضراء كلهم فداء لأبي عبد الله الحسين عليه السلام، فها هي كما ترى قد هان عليها قتل بنيها الأربعة إن سلم الحسين عليه السلام ويكشف هذا عن أن لها مرتبة في الديانة رفيعة .
وقال الشهيد الأول : كانت أمّ البنين من النساء الفاضلات، العارفات بحقّ أهل البيت عليهم السلام ، مخلصة في ولائهم ، ممحضة في مودّتهم ، ولها عندهم الجاه الوجيه، والمحلّ الرفيع، وقد زارتها زينب الكبرى بعد وصولها المدينة تعزّيها بأولادها الأربعة ، كما كانت تعزّيها أيام العيد … ”
. فلما رجعت زينب إلى المدينة عزّتها في أولادها الأربعة فكانت تخرج أم البنين إلى البقيع فتندب بنيها أشجى ندبة وأحرقها فيجتمع الناس إليها يستمعون إليها ولها أبيات منسوبة إليها :
– لا تدعونـي ويـك أم البنين تذكروني بليوث العريـــــــــــــــــــــــــن
– كانـت بنون لي ادعـــى بهم والـيوم أصبحت ولا مـــــــن بنين
– أربعة مثل نسـور الربـــــــــــى قد واصلوا الموت بقطع الوتين
– تنازع الخرصـان أشلاءهـم فكلّهم أمسى صــــــــــريعـاً طعيـنيا
– ليـت شعري أكما أخبروا بـــــأن عبــــــــاس قطيـــــــع اليــــمـين كانت وفاتها في ١٣ جمادى الآخرة وقيل ١٨ سنة 64 هـ .
ورد أن الفضل بن العباس دخل وهو باك وحزين على الإمام زين العابدين وقال: لقد ماتت جدتي أم البنين، وقبرها في الزاوية اليسرى من البقيع .
إن أم البنين هي رمز للمرأة الفاضلة في السراء والضراء والشدة والرخاء فينبغي على النساء والرجال الاقتداء بها على حد سواء ، فهي قدوة للبنت قبل زواجها حيث أنها كانت متميزة عنها عشيرتها بالأخلاق والعفة والطهارة والنباهة وبسائر الصفات التي رسمها أمير المؤمنين عليه السلام للزوجة المثالية ووجدها فيها ، وهي قدوة كزوجة أضحية ومؤثرة التي عرفنا عنها ما عرفناه أعلاه وفي كلام الخطباء ، وهي قدوة كام من حيث ما عرفت عنها وعن تقديمها لأولادها كقرابين في سبيل الله وإمام محراب الولاء لمحمد وال محمد عليهم الصلاة والسلام .