من الأمور الواضحة أن هناك اتجاهات في النجف الأشرف تعيش أزمة نفسية تبرز وتظهر حين ترى أن هناك مجتهداً أو عالماً لا يمت إليهم بصلة ولا يسبح بحمدهم، بل كل أحد يستقل عنهم- وإن كان منهم- يحارب من قبلهم ويشكك في دينه وورعه فضلاً عن اجتهاده!!
كل الفتن التي نعاصرها لو دققتم في التأريخ ستجدون ما يطابقها تماماً، ولو اعتبرنا من التأريخ لدفع ذلك عنا الوقوع في كثير من الفتن المعاصرة.
وأريد أن أنقل لكم هنا بعض المواقف المريرة التي مرت بحياة المرجع الديني المجدد السيد محمد باقر الصدر، كما ذكرت في موسوعة سيرته الكبرى المسماة ب (السيرة والمسيرة)، فقد جاء هناك عن كلام بعض الحواشي ومن تأثر بهم.
١. [باقر الصدر ليس بمجتهد!!]
فقد كان حين يصرح أحدهم بتقليده يقال له: (هل هو مجتهد؟!) ويعبرون عن هذا التقليد بالباطل وأنه مبني على العاطفة وأن (حبك للشيء يعمي ويصم) (راجع السيرة والمسيرة ٣:١٣٠.).
فهل هذا العملاق الذي شهد له العالم كله بنبوغه يشك في اجتهاده ويعد تقليده ضرباً من العاطفة!! نعم الآن بعد أن مات ولم يعد يشكل لهم خطر المنافس صاروا يذكرونه بخير ويشهدون لعلمه وفضله!!
٢. [معاناته من حرب العمائم ضده]
أما في زمن حياته فهو الذي كان يتأوه ويقول: (ما لقيته من أهل العلم أشد مما لقيته من حزب البعث) ويقول: (إن محاربة أمريكا وروسيا وأساطيلهما أهون علي من بعض عمائم السوء) (راجع السيرة والمسيرة ٣:١٢٣).
٣. [مرجع حزبي وسياسي]
وعلى الرغم من نتاجه الغزير في الفقه والأصول والتفسير والاقتصاد وغيرها من العلوم كان يعير بأنه (حزبي) أي سياسي لكونه يؤمن بتدخل المرجع في السياسية كما هي نظرية جملة من العلماء، كما سنذكر موضوعاً مستقلاً حولها -إن شاء الله-.
وكان يعبر عن هذه الاتهامات بكونه حزبي بأنها: (وما ذريعة الحزب إلا أداة لتضليل الناس) (راجع السيرة والمسيرة ٣:١٣١)، فلأجل أن يصل الخصم إلى تسقيط خصمه لا يدع ذريعة ولا شنيعة إلا وألصقها به، فلا هو بمجتهد ولا هو بعالم ولا من أهل الفضل!!
– ثم بعد ذلك كله يظهر هذا الاتجاه (المسموم) ويدعي حرصه على الحوزة العلمية وهو بالوقت نفسه يستغل ما له من سلطة ونفوذ وأموال وأبواق من أجل الإطاحة بكل مرشح للمرجعية!!!
ثم لماذا كل هذا التخوف والتحذير والتلميح للطلبة بالوعد والوعيد ممن يحضر لدرس غيرك؟!
وهل هذه الصفحات المتكاثرة التي تعج بالتسقيط كلها لله؟ أم لغرض إزاحة كل منافس على منصب المرجعية ليكون لقمة سائغة أمام المتربص الطامع؟
لو اجتمع ألف نبي في وطن واحد لما تنازعوا ولا سقّط بعضهم البعض، لأن الغاية واحدة والهدف واحد، لكنها النفوس المريضة التي غايتها أنانيتها، وخدمة الطموحات الدنيوية الزائلة.
بقلم الشيخ ربيب النجفي