في قوله تعالى: [وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ] (الحجر: 99) فُسّر معنى الآية بمعنى أن عليك أن تستمر بالعبادة حتى يأتيك الموت أي ما دمت حيّاً، فسمّي الموت باليقين لأنه آتٍ لا محالة، أو لأنه بالموت سيرى النشأة الآخرة والملكوت ويرى ما يفعل الله بالظالمين. وقيل بأن اليقين هو عالم الآخرة يأتي للإنسان وليس هو اليقين الاعتقادي الذي ربما يحصل بالنظر والعبادة.
ويمكن إضافة معنى آخر وهو أن الموت هو عملية انتقال معرفي وإن كان يبدو لنا في ظاهره هو فساد الجسد وانفصال الوعي عنه، ولكنه في الحقيقة معرفة وانتقال كما ننتقل في قضية أو مفردة معرفية، فيكون الموت هو اليقين بالله وبالآخرة.
وكل حركة في هذا الكون هي حركة معرفية وانتقال معرفي، ولكن المنقطعين عن الآخرة يرونها أحداثاً مادية واقتراناً بين أمور منعزلة عما ورائها، وقد يحتاج البعض إلى إضافة قضايا للتحرك المعرفي مع الأحداث الظاهرية وترجمتها، فينظر إلى الحدث ويستنتج العبرة والموعظة منه بتفكيره، ومن الناس من يتحرك تفكيره ونفسه مع الأحداث تلقائياً إذا كان مستسلماً ومنسجماً مع إرادة الله ومراقباً له.
وهذا اليقين ينظر إلى الإنسان في أوقات الصلوات كما روي أن ملك الموت ينظر في وجوه المصلين خمس مرات في اليوم أو في أوقات الصلوات، لأن فيها تكون مقابلة الله تعالى والتوجه التام إليه.
ونحن نفهم من كلمة الملك أنه له دوراً معرفياً مع الإنسان، حتى ملائكة النار والعذاب فإن وراء ما تفعل بالكافرين تفهيماً لهم ولغيرهم عن سبب شقائهم واستحقاقهم للعذاب حتى يتبين لهم الحق.
عماد علي الهلالي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية