في العالم المعاصر، فإن لكل شيء يوم، فللشجرة يوم، وللطفل يوم، وللصحافة يوم، وللرياضة يوم، وللمريض يوم، وللغابات يوم، وللسياحة يوم، وللحب يوم، بل حتى للشذوذ والعري وفعل المنكرات يوم بل أيام ومواسم، والعالم من حولنا فرحان ومستأنس، ولم يعترض أحد.
فما بالنا نحن المؤمنين، لا نجعل يوما سنويا خاصا بتجديد الولاء لنائب الإمام، أعني المرجع الديني الذي نقلده، فنزوره نحن أتباعه وأبناؤنا، ونلتف حوله، ونعاهده على الولاء والامتثال، مادمنا نعتقد أنه وصية الأئمة المعصومين (عليهم السلام)، وأنه الامتداد الطبيعي لبيعة الغدير، بعد انطباق شروط ومواصفات الاجتهاد والمرجعية عليه.
وستكون هذه السُنّة الحسنة فرصة طيبة للتواصل بين الجماهير وبين قائدهم الديني، كما يتواصل ملايين الناس مع قائدهم الرياضي ومع رمزهم الفني ومع أسوتهم الثقافي..الخ.
ومن المقترح ان يكون ذلك اليوم هو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول من كل عام، حيث ذكرى تتويج الإمام الثاني عشر بالخلافة، أو يكون يوم الغدير الأغر، مادامت المرجعيات معظمها في النجف الأشرف، بالنسبة لنا نحن شيعة العراق، ويمكن لمن يأتي لزيارة أمير المؤمنين (ع)، أن يجدد الولاء لنائب الإمام.
ومن بركات هذه السُنّة الحسنة :
1ـ فيها اثبات لتمسكنا برمزنا وأسوتنا كمؤمنين في الساحة، فليس من المعقول أن لكل فئة وجماعة وشرذمة أسوة وقدوة ويوم وموسم وتقليد، وليس لنا نحن المؤمنين يوم نزور فيه مرجعنا الديني بكل تحضر ووعي ونلتف حوله ونصغي لوصاياه.
2ـ سيكون ذلك اليوم مدعاة لربط الاجيال الجديدة بقدوتها الصحيحة، ومرجعها وقائدها، بدلا من الهلامية والغبش الذي يعيشه ابناؤنا فيما يرتبط بقائدهم الديني، وحتى لايذهبوا يمنة ويسرة في اتخاذ كل من هبّ ودبّ رمزا وأسوة.
3ـ ستكون هذه المناسبة يوما للتواصل مع إمام زماننا الحجة بن الحسن (عج) أيضا، الذي أوصانا بالرجوع إلى الفقهاء والتمسك بفتاواهم في شؤون الحياة، وها نحن نحرص على الالتفاف حولهم في يوم المرجع الإسلامي.
4ـ سوف يتنافس أبناء المجتمع في التواصل مع مرجعهم والالتفاف حوله، بدلا من حالة اللا أبالية التي نشهدها اليوم، والتي قد يعيش فيها المكلف ويموت وهو لم يصل لمرجعه ولم يتواصل معه، أو لم يقترب منه ويصغي لحديثه. مع كونه يصلي ويزور الأضرحة، فإن نسبة من يزورون مراجعهم من مكلفي الشيعة حوالي 1%!!
5ـ عندما يعلم المكلف بوقوفه يوما من كل عام، بين يدي مرجعه، وتجديد العهد معه على الولاء والطاعة، فان ذلك سيكون مدعاة لترك مخالفة رسالته العملية خلال أيام وأشهر السنة، تلك الرسالة المستقاة من القرآن والسنة، والتي في تطبيقها خير الدنيا والآخرة.
وفي ختام هذا المقترح أقول: يمكننا تفعيل هذه السُنّة الحسنة، وتجاوز كل التخوفات الصغيرة، بالعقلانية وسعة الأفق، فلا يضر أن لكل فئة من المجتمع مرجعهم، ولهم زيارته والالتفاف حوله وسماع مواعظه، في ذلك اليوم السنوي المعروف، سواء كان ذلك اليوم هو التاسع من ربيع أو الغدير أو غيره.
وحبذا سماع آرائكم الكريمة ومقترحاتكم الطيبة وبايجابية لطفا.. وباحترام وموضوعية، بعيدا عن النظرة السوداوية وتضخيم السلبيات.
ملاحظة.. المقال خاص بالمقلدين الملتزمين بفتاوى المراجع، ولا يعني الملحدين والعلمانيين والمتحللين من قيود الأحكام.. فأرجو الانتباه قبل التعليق.
السيد حازم الحسيني