الاختلاف والتمايز سنة من السنن الإلهية الواضحة في المخلوقات جميعاً، وهي بذلك تنطوي على حكمة بالغة في تدبير الله لمخلوقاته.
فالاختلاف ب الأجناس والأنواع والصفات واللغات، أمر عرفته البشرية وليس في ذلك من منقصة
وإنما فيه كمال الخلق وحُسنهم.(وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ).
إلا أن البعض لم يدرك وجه الحكمة من هذا التفاوت والاختلاف فراح يسخر من البعض الآخر ويستهزىء به
لما يراه من صفاته الجسمانية أو الخلقية مغايرة.
فمعنى :سخِرَ بـ / سخِرَ من يَسخَر، سُخْرِيَةً وسُخْرِيَّةً، فهو ساخِر، والمفعول مَسْخورٌ به
سخِر بمنافسِه/ سخِر من منافسِه: هزِئ به، ولذَعه بكلام تهكّميّ، احتقره سخر من الآخرين.
هود آية 38 قَالَ إنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ).
ولقد تناول القرآن الكريم هذا المعنى في كثير من الآيات التي نهت وذمت هذا الفعل،
الأمر الذي أكدت على تركه الروايات الشريفة تأكيداً بالغاً.
وكما ورد وعنه أيضاً: ( حسب أبن آدم من الشر أن يحقر أخاه المسلم ).
وللسخرية أنواع وهي كما يلي؛
1-النهي عن السخرية بالاعتقاد أو العقيدة:
قال تعالى: ( زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (212) سورة البقرة
جاء في الحديث عن رسول الله (ص): ( إن المستهزئين يفتح لأحدهم باب الجنة ، فيقال : هلم فيجيء بكربه، وغمه فإذا جاء أغلق دونه ) .
وعن النبي (ص) : ( لا تحقرن أحداً من المسلمين فإن صغيرهم عند الله كبير) .
وعن الإمام الصادق (ع) : ( من حقر مسكيناً لم يزل الله حاقراً ماقتاًحتى يرجع عن محقرته إياه ) .
2- السخرية بالأنبياء ع(أصول الدين):
وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ (38)سورة هود
وفي الحديث القدسي : ( ليأذن بحرب مني من أذل عبدي المؤمن ) .
3- السخرية بفروع الدين:
قال تعالى: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(79) سورة التوبة
جاء في الحديث عن رسول الله (ص): ( إن المستهزئين يفتح لأحدهم باب الجنة ، فيقال : هلم فيجيء بكربه، وغمه فإذا جاء أغلق دونه ).
4- السخرية بالناس وأوضاعهم وأحوالهم:
يقال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراًمِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ (11)سورة الحجرات
قال رسول الله (ص) : ( من أستذل مؤمناً، أو مؤمنة، أو حقره لفقره، أو قلة ذات يده شهره الله تعالى يوم القيامة ثم يفضحه ).
ومما قاله لقمان لأبنه وهو يعظه : ( يا بني لا تحقرن أحداً بخلقان ثيابه، فإن ربك وربه واحد ).
وعن الإمام الصادق (ع) : ( من حقر مسكيناً لم يزل الله حاقراً ماقتاً حتى يرجع عن محقرته إياه ).
سعود البدري