لقب (الباقر) هو اللقب الذي لقب به الإمام محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) وهو لقب تفرد به الإمام ولم يسبقه إليه أحد.
اشتقاق كلمة باقر في الألقاب جديد، ولهذا حتى في المعاجم اللغوية لقب الإمام هو الاشتقاق الوحيد الذي يستشهد به.
يقول ابن منظور: “والتبقر: التوسع في العلم والمال. وكان يقال لمحمد بن علي بن الحسين بن علي الباقر، رضوان الله عليهم، لأنه بقر العلم وعرف أصله واستنبط فرعه وتبقر في العلم. وأصل البقر: الشق والفتح والتوسعة. بقرت الشيء بقرا: فتحته ووسعته.”(لسان العرب لابن منظور ج4 ص74).
وهذا مثال من المعاجم القديمة.
وكذلك الأمر في المعاجم الحديثة حيث جاء في المعجم الوسيط: “(الباقر) المتوسع فِي الْعلم وَبِه سمي أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ زين العابدين بن الْحُسَيْن الباقر”. (المعجم الوسيط لمجموعة مؤلفين ج1 ص65).
وبعض المعاجم القديمة ذكرت اللقب ومعناه ولكنها تعتمد تجاهل الإمام الباقر (عليه السلام) كما في فعل الزبيدي: “ورجلٌ باقِرَةٌ: فَتَّشَ عن العُلَوم”. (تاج العروس للزبيدي ج6 ص107).
وللقب أصل في الاستخدام في الروايات، كما في رواية أبي موسى: “وفي حديث أبي موسى (سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران) أي واسعة عظيمة”. (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج1 ص144).
وفي خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام): “يا أيها الناس سلوني قبل أن تفقدوني فان بين جوانحي علما جما فسلوني قبل أن تبقر برجلها فتنة شرقية…”. (بحار الأنوار للمجلسي ج51 ص57 نقلاً عن تفسير العياشي.
وكذلك ورد كلام في معانٍ مشابهة كما فيما ورد عن أبي موسى صاحب الرواية السابقة في حديثه بعد مقتل عثمان: “إن هذه لفتنة باقرة البطن…”. (النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج1 ص144).
و “ومنه حديث الإفك (فبقرت لها الحديث) أي فتحته وكشفته.” (المصدر السابق ص145).
أما ما ورد في الروايات عن استخدام لقب الباقر للإمام أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فالنص الوحيد بشأن ذلك مروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وسنذكر النص والمصدر ثم نعود لمناقشته لاحقاً.
جاء في كتاب علل الشرائع: ” (باب 168 – العلة التي من أجلها سمى أبو جعفر محمد بن علي ” ع ” الباقر) 1 – حدثنا أبو العباس محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا عبد العزيز بن يحيى البصري بالبصرة قال حدثني المغيرة بن محمد قال حدثنا رجاء بن سلمة عن عمرو بن شمر قال: سألت جابر بن يزيد الجعفي فقلت له لم سمي الباقر باقرا؟ قال: لأنه بقر العلم بقرا – أي شقه شقا واظهره إظهارا ولقد حدثني جابر بن عبد الله الأنصاري انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: يا جابر إنك ستبقى حتى تلقى ولدي محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب المعروف في التوراة بباقر فإذا لقيته فاقرأه منى السلام، فلقيه جابر بن عبد الله الأنصاري في بعض سكك المدينة فقال له يا غلام من أنت؟ قال: انا محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب، قال له جابر يا بني اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فأدبر، فقال:
شمائل رسول الله ورب الكعبة، ثم قال يا بنى رسول الله يقرؤك السلام فقال على رسول الله صلى الله عليه وآله السلام ما دامت السماوات والأرض وعليك يا جابر بما بلغت السلام فقال له جابر يا باقر أنت الباقر حقا أنت الذي تبقر العلم بقرا ثم كان جابر يأتيه فيجلس بين يديه فيعلمه وربما غلط جابر فيما يحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيرد عليه ويذكره فيقبل ذلك منه ويرجع إلى قوله وكان يقول يا باقر يا باقر يا باقر أشهد بالله إنك قد أوتيت الحكم صبيا”.(علل الشرائع للصدوق ج1 ص233-234).
وفي نص آخر: ” ولقب الباقر لما رواه عن جابر بن عبد الله الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال له: يا جابر إنك ستعيش حتى تدرك رجلا من أولادي اسمه اسمي يبقر العلم بقرا فإذا رأيته فاقرأه منى السلام. فما دخل محمد الباقر على جابر وسأله على نسبه فأخبره فقام إليه واعتنقه وقال: جدك رسول الله صلى الله عليه وآله يقرأ عليك السلام. ووفد أخوه زيد ابن علي على هشام بن عبد الملك فقال له هشام: ما فعل أخوك البقرة؟ يعنى الباقر ” ع ” فقال زيد: لشد ما خالفت رسول الله صلى الله عليه وآله سماه الباقر وسميته أنت البقرة لتخالفنه يوم القيامة يدخل هو الجنة وتدخل أنت النار”. (عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ص194).
رشيد السراي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية