هل طيموثا هو اسم الباقر (عليه السلام) في السريانية واليونانية كما ورد في الخطبة التطنجية؟(2)
نكمل في مناقشة الجزء محل البحث في نهاية الخطبة التطنجية:
أما فيما يخص الجزء محل البحث فنقول:
أولاً: بحسب النص فإن الكلمات المذكورة “علموثا” و “طيموثا” و “دينوتا” و “بجبوثا” و “هيملوثا” و “أعلوثا التقي” و “ريبوثا النقي” و “علبوثا” و “ريبوثا”، إضافة إلى “شبرا” و “شبيرا” كلمات سريانية يونانية وهذا جواب غير محدد فهي إما سريانية أو يونانية أو خليط منهما أو إن المقصود إنها كلمات موجودة في اللغتين معاً.
ثانياً: لم يذكر النص اسماً مشابهاً لأمير المؤمنين (عليه السلام) ولفاطمة الزهراء (عليها السلام) واكتفى بذكر “أنا” وبالاسم العربي للزهراء (عليها السلام)، ولكنه يذكر في نص سابق في الخطبة نفسها كما ذكرنا: “” أنا طيرثا، أنا جانبوثا، أنا البارحلون، أنا عليوثوثا”.
ثالثاً: النص غير واضح في إن هذه الكلمات هل هي الأسماء أم الألقاب فإن كانت الألقاب فلماذا أضيف التقي والنقي والمفروض إنها تطابق أو تقارب معانيها في اللغة العربية؟! وإن كانت الأسماء فلماذا لم تتكرر وأسماء الأئمة فيها تكرار؟!
رابعاً: لم يذكر النص أين ذكرت هذه الأسماء في التوراة أو الإنجيل أم غيرهما واكتفى بذكر لغة الكلمات فقط.
خامساً: القول بأن اللغة السريانية واليونانية هي اللغة التي نطق بها عيسى (عليه السلام) محل نظر فقد أجمع المؤرخون على أن الآرامية وتحديداً الآرامية الفلسطينية اليهودية باللهجة الجليلية هي لغة يسوع المسيح ولغة تلامذته، حيث كانت الآرامية اللغة الشائعة لمقاطعة يهودا خلال القرن الأول ميلادي، وبها تأثرت اللغة العربية والفارسية والعبرية واليونانية واللاتينية، والسريانية لغة نشأت من الآرامية ولم تنتشر إلا في القرن الرابع الميلادي وأول ظهور لمصطلح لغة سريانية كان في عام 132م، فكيف تكون السريانية هي لغة عيسى (عليه السلام)؟!
نعم الإمبراطورية البيزنطية التي كانت تسيطر على بلاد الشام عند ولادة المسيح (عليه السلام) كانت تستخدم اللغة اليونانية إضافة للاتينية ولكن لغة التداول في تلك المناطق كانت الآرامية كما ذكرنا. (يمكن مراجعة الموسوعة البريطانية-اللغة الآرامية، وبحث “ما هي اللغة التي تكلم بها يسوع؟” باللغة الإنجليزية بهذا الخصوص)، مع العلم إن المشهور في الكتابات العربية القول بأن اللغة التي نزل بها الإنجيل هي اللغة السريانية، ومع العلم إنه يجري الخلط كثيراً بين السريانية والآرامية والأخيرة هي الأقدم وهي الأصل الذي تفرعت منه السريانية على شكل لهجة منها في بادئ الأمر.
وقد ظهرت اللهجة السريانية المشتقة من الآرامية كما قلنا في مملكة “الرها” في الجزيرة الفراتية في شمال غرب العراق وذلك خلال القرن الأول الميلادي، ومملكة الرها نفسها لم تظهر للوجود إلا بحدود عام 132 ق.م وتطور اللهجة فيها أكيداً لم يحصل بمجرد التأسيس بل أخذ وقتاً وفترة أقل من قرن ليست كافية لتطور اللهجة فضلاً عن استقلالها كلغة جديدة وفضلاً عن وصولها إلى مناطق بعيدة-فلسطين- وفضلاً عن اعتمادها كلغة هناك، لكل ذلك فإن وجود اللغة السريانية كلغة محكية في زمن المسيح (عليه السلام) أمر مستبعد وإنما تطورت اللهجة الآرامية الأصل لاحقاً وانتشرت بسبب اعتمادها من قبل المسيحيين.
سادساً: لو ناقشنا كلمة “طيموثا” فقط فإن حرف “الثاء” غير موجود في اللغة السريانية الشرقية والغربية على السواء فلو افترضنا إن الأصل هو “طيموتا” فإنه باللغة السريانية الشرقية يكتب هكذا ” ܛܝܡ ܘܬܐ ” وكذلك باللغة السريانية الغربية -أي التي تستخدم في بلاد الشام- وفي كليهما ينتج كلمة لا معنى لها ولا استخدام في السريانية، مع العلم إن لاحقة “تا” في السريانية تستخدم في الغالب لأسماء الإناث وليس الذكور.
أما باللغة اليونانية فأقرب لفظ لها -لأن حرف الطاء لا وجود له في اليونانية- فهو تيموثوس أو تيموثاوس أو تيموثي ويكتب باليونانية هكذا ” Τιμόθεος” وترجمته الحرفية تعني : “من يكرم الله”، وأشهر من تسمى بذلك في العصور محل البحث القديس تيموثاوس تلميذ القديس بولس وفق المسيحية.
مما تقدم يتضح إنه نتيجة غياب السند والمصدر والخلل في المتن والملاحظات الكثيرة المسجلة عليه فلا يمكن القبول به واعتبار إن كلمة “باقر” لها أصل سرياني أو يوناني باسم “طيموثا”.
رشيد السراي
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية