نبارك لكم ذكرى ولادة الأمام الهمام علي بن موسى الرضا عليه السلام نسأل الله أن يمن علينا بالفرج بحقه وقربه منه تعالى.
((جمعة الفرج ان شاء الله تعالى بكشف هذه الغمة))
ينبغي الاستفادة من الثقافة المهدويّة في بناء الكفاءة استعداداً للمشاركة في بناء الواقع والمستقبل الموعود؛ فإن المؤمن الذي ينتظر أن تملأ الأرض قسطاً وعدلاً، ويتطلّع لإزالة الظلم والجور عنها ينبغي أن يهيّأ نفسه بالكفاءة والقدرات ليكون جزءاً من عمليّة تحقيق هذا الوعد الإلهيّ كما نقرأ في فقرات الدعاء:
اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَيْكَ فِي دَوْلَةٍ كَرِيمَةٍ، تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَأَهْلَهُ، وَ تَجْعَلُنَا فِيهَا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَى طَاعَتِكَ، وَالْقَادَةِ فِي سَبِيلِكَ، وَتَرْزُقُنَا بِهَا كَرَامَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.
وكيف يكون الإنسان من الدعاة والقادة إلا إذا توفّر على الكفاءة والقدرات؛ من هنا فإن الثقافة المهدويّة يجب أن تدفع الإنسان المؤمن لتنمية قدراته وكفاءاته حتى يكون أهلاً لحمل هذه التطلّعات والآمال والهموم.
وقد جاء عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام في حديث مطوّل مع أبي خالد الكابلي القول: «يا أَبَا خَالِدٍ إِنَّ أَهْلَ زَمَانِ غَيْبَتِهِ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَتِهِ وَالْمُنْتَظِرِينَ لِظُهُورِهِ أَفْضَلُ مِنْ أَهْلِ كُلِّ زَمَانٍ»
أيّ إن القدرات والاستعدادات التي يمتلكها المنتظرون لظهوره عليه السلام أفضل من الأجيال التي سبقتهم، وهذا الأمر طبيعيّ بسبب تطوّر الحياة وتراكم الخبرة والمعرفة والتجربة، وهكذا تضيف الرواية تعليلاً لهذه الأفضليّة قائلة:
«لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَعْطَاهُمْ مِنَ الْعُقُولِ وَالْأَفْهَامِ وَالْمَعْرِفَةِ فَصَارَتْ بِهِ الْغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُشَاهَدَةِ ».
فهم يعيشون أفق التطلّعات والالتزام بالقيم، وكأن الإمام عليه السلام يعيش معهم؛ فالغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة.
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام يضع فيها برنامجاً لمن يريد أن يكون من أصحاب الإمام المهدي المنتظر عليه السلام بعيداً عن البرامج التي لا تركّز على المهام البنائيّة والتربويّة:
«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ الْقَائِمِ فَلْيَنْتَظِرْ وَلْيَعْمَلْ بِالْوَرَعِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ وَهُوَ مُنْتَظِرٌ» .
فعلى الإنسان المنتظِر أن لا ينزلق إلى مزالق الحرام والانحراف والفساد، وعليه التحلّي بمحاسن الأخلاق في برامجه الشخصيّة وفي تعامله مع الأخرين.
وهكذا يقدّم الإمام نتيجة من هذه المواصفات وطريقة الانتظار قائلاً:
«فَإِنْ مَاتَ وَقَامَ الْقَائِمُ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ أَدْرَكَهُ، فَجِدُّوا وَانْتَظِرُوا…».
والجِدُ الذي تطلبه الرواية هو: الجد في العمل والحركة، وفي كسب المعرفة وبناء الكفاءة؛ لذا ينبغي على الإنسان أن يتوجّه لبناء كفاءته وطاقته، وأن لا يكتفي بالتوجهات العاطفيّة فقط، فقراءة الدعاء والتوسّل والاحتفاء والانتظار أمرٌ حسن لا نقاش في حسنه، ولكن ينبغي أن يرافق ذلك بناءً للقدرات والكفاءات.
نسأل الله تعالى أن يفرج عن المؤمنين برفع هذه الغمة والوباء ببركة صاحب هذا اليوم إمامنا المهدي المنتظر أرواحنا له الفداء
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين.
مدير مكتب سماحة المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي في ذي قار الشيخ ضياء السهلاني