و إذا كنّا ننسى .. فلا يمكن أن ننسى موقفه التّأريخي و الجريء ، حيال ما قد شاع من عزم الحكومة العراقيّة متمثّلة بوزارة التّربية ، أن توجب على طالبات السّادس الإعدادي أن يضعن في بطاقة الامتحان الوزاري صورة شخصيّة يبدين فيها شعورهن غير محجبات ، مما جعله يعلّق أو يختزل أحد دروسه في مسجد الرأس (المجاور لصحن أمير المؤمنين) ، و يلقي بجموع الطّلبة و على اختلاف مستوياتهم الدراسيّة ، كلمة بلهجة حادّة و نبرة شديدة و بلحن مختلف ، هذه المرّة و يدعو الحكومة ـ حكومة طاغوت عصره ـ إلى التّراجع عن هذا القرار فلا يليق بالفتاة المسلمة التي تقتدي بفاطمة و عائشة ـ ذكر هذه الأخيرة يأتي لإحراج السلطة ـ أن تظهر بلا حجاب، و أنّى لبنات العلماء و المؤمنين أن يعطين هذه الصّور و التي سيتصفّحها القريب و البعيد و الدنيء و الشريف .
و حينما سمعنا كلمات الشّيخ و خطابه إلى الحكومة و الذي كان شديد الّلهجة ،شعرنا بخوف على سماحته و اعتبرنا ذلك إيذاناً ببدء المواجهة مع أعتى دكتاتورية شهدها التّاريخ الحديث ، و صرنا يومئذٍ نستنسخ الكاسيت ، و ننشره على الشّباب و الأسر ، حيث نسكن و نحث على إعطاءه للغير بعد سماعه ؟!
و أتذكر آخر كاسيت كان لسماحته قبل سقوط النّظام ، قد حملناه (أنا و الشّيخ خالد المندلاوي) إلى كربلاء ، لنسخه إلى مائتي نسخة عند صديق لنا ، هناك وسط انتشارٍ مُهيب لرجال الأمن و المخابرات ، بسبب التّوتر السّياسي ، و عزم أمريكا على تبديل النّظام المقبور ، فأخذت مائة كاسيت لتوزيعه في الكرخ ، بينما يتولى الشّيخ خالد توزيع المائة الأخرى في جانب الرصافة وهكذا كان العمل في سائر المحافظات ..