و نشط سماحة الشيخ اليعقوبي في ميدان الكتابة و التأليف و الإجابة على الاستفتاءات ،و التي خرجت من رتابتها المعهودة و نطاق أحرفها الضيق بين يجوز و لا يجوز ، بل صارت تحمل دروساً و مواعظ ، و تحرك مشاعر الفرد المسلم ، و تنمي مستوى التدين و ترفع الغبار عن كوامن الفطرة بداخله ، و تسمو به بعيداً عن الحدود الفقهية الدنيا ، التي يقف عندها سنان قلم الفقهاء عادة ، فهو حينما يجيب عن جواز الإفطار في يوم الشك يردفه قائلاً : و لكن في ذلك تدني في مستوى التّربية الإيمانيّة ، و هذا يذكّرنا بقول الإمام الصادق الذي رفض الزواج أول الأمر من الكتابية ، و لكن حينما ألح السّائل عليه ، قال : نعم و أعلم أن في دينك غضاضة (نقص) ..
و ربما لا أجافي الحقيقة أن قلت أننا لا نغادر دار أبي الأرقم (الجامعة يوما) ، إلا و في جعبتنا استفتاء يعالج ظاهرة سلبية بل أحياناً أكثر من استفتاء ، مضافاً للكتيبات الصّغيرة المستنسخة ، و التي تحمل طابعاً تربوياً و أخلاقيّاً و تثقيفيّاً ، و كنا نشتري هذه النّشاطات و نقدّمها للناس بالمجّان ، حتى اضطررت بسبب الدّيون التي عليَّ أن أتصدّى لصلاة الاستئجار آنذاك ..
و قد كانت الكتيّبات التّربويّة و الأخلاقيّة و الاستفتاءات التي توزع على عامّة النّاس ، خالية من ذكر اسمه الشّريف ، و بعض النّاس كانوا يريدون أن يعرفوا من هو المجيب عليها ، خاصّة في المسائل الشرعيّة التي يجب أن تكون متطابقة مع رأي مرجع تقليدهم ـ السّيد الصّدر في الغالب ـ فنقلنا تسائل الناس و ترددّهم فأوعز لي سماحته أن أكتب مقدّمة لكتيّب (ظواهر اجتماعيّة منحرفة) و أبين أن المجيب على هذه الأسئلة هو سماحة الشّيخ اليعقوبي ، فكتبت في مقدّمته (أنّى لك هذا؟) ، و رحت أذكر للقرّاء من هو الذي يجيب و يعلّق على هذه الأسئلة و الظّواهر السلبيّة .
و كان جمع من الطلبة (كالسّيد حازم الميالي ، و الشّيخ عبد العظيم الأسدي) ، قد ساروا على منوال شيخهم بالكتابة في وسط تشجيعه و تحفيزه لهم ، و قد طلب منّي أن أكتب كتاباً يتناول الأحكام الشرعيّة الخاصّة بالنّساء ، و قد اسميته (فقه المرأة المسلمة) ، وقد طُبع مرّاتٍ عديدة ، و قد وصلتني رسائل من النّساء تقدّم شكرها على هذا لكتاب ، بينما أرسلت امرأة من الجنوب _ و يبدو أنها تقطن الريف _ كيساً صغيراً من الرز ، و كتبت أنّها لوكانت تملك حليَاً ، لما توانت في بيعه ، و إرسال ثمنه !! و قد نقل أحدهم ، أنّه شاهد مخزناً في شارع المتنبي مليئاً بهذا الكتاب .