يا زائر…
كن مؤثراً حيثما كنت
يمتلك الشخص المؤثر القدرة على استمالة الأشخاص الآخرين، وإقناعهم بشخصيته، أو ببعض الأمور التي يدعو إليها، اعتماداً على المحتوى الذي يقدّمه الشخص المؤثر، ومدى احتوائه على القيم الإيجابيّة والجيدة.
من مميزات الشخصية المؤثرة:
أولاً: أن يكون مؤمناً متقياً
من أهمّ الصفات التي يجب أن تكون متواجدة في الشخص المؤثّر هو الإيمان والتقوى والعلاقة المتميزة مع الله تعالى، والتي تظهر آثارها في كل تصرفاته وتعاطيه مع الآخرين، في كلامه وصمته، في ابتسامته وأريحية حديثه، في مسيره وجلوسه وقيامه، ومع حمل هذه الصفة وتجلياتها العملية يكون الزائر مؤثراً في الآخرين، نافداً إلى أفكارهم وقناعاتهم، تاركاً الأثر الطيب في قلوبهم وأذهانهم.
قال تعالى: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) مريم: ٣١
ثانياً: أن يمتلك رؤية متميزة
لكي ينجح الإنسان في صنع التأثير وجذب الناس، لابد أن يمتلك رؤية مميّزة في الحياة، فالزائر الحسيني حمل عنوان سيد الشهداء (ع)، وتلبس بمبدأ الوفاء للمسيرة التي خطها الإمام (ع)، وهي مسيرة حمل الحق شعاراً وشعوراً، ممارسة والتزاماً، فهو بمسيره العشقي يسعى لإعطاء رؤيته للحق زخماً عقدياً وروحياً وأخلاقياً في كل تفاصيل الطريق نحو كربلاء، من قول علي الأكبر (ع): (ما دمنا على الحق لا نبالي أن وقعنا على الموت أم وقع الموت علينا).
ثالثاً: أن يكون واضحاً
من صفات الإنسان المؤثّر هو وضوح أفكاره للآخرين، مع إجادة لتسويقها وإيصالها للناس، فالزائر الحسيني يحرص على تحقيق أهداف الإمام المعصوم (ع) من نشر الفضائل والمناقب والأخلاقيات السامية، وتقديمها عملياً من خلال شخصيته الواضحة في حمل القيم، الشفافة في تطبيقها في داخل المحيط الاجتماعي، وخاصة المحيط الاجتماعي للزائرين في طريق كربلاء.
قال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ).
رابعاً: أن يكون مستعداً دائماً
الإنسان المؤثر يتميز باستعداد جيّد دائماً للتفاعل مع الآخرين، والإنصات لهم في شؤونهم، والاهتمام بقضاياهم وحوائجهم، فالزائر الحسيني هو أكثر الناس حملاً للاستعداد النفسي والروحي النظري والعملي لخدمة مجتمعه، وهذا يرسخه ويعمقه الجو العام للتفاعل الاجتماعي بين الزائرين والمضيفين على طول الطريق نحو كربلاء.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله: (المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس)
ميزان الحكمة، الريشهري، ج ١ ص ٢٠٨
خامساً: أن يكون حليماً
أن يكون الإنسان المؤثّر مالكاً لزمام نفسه، محافظاً على وقاره أمام الناس، وهذا من الحلم الذي يميز شخصيته، ويقدمها _ أي الحلم _ في ديباجة حسنة للمحيطين به، وخاصة الزائر في مسير الزيارة، لأن الحلم والوقار والهدوء تنسجم مع عنوانه (الحسيني)، فهو محافظ على لياقته الاجتماعية أينما وضع قدمه في طريق كربلاء، لذلك يحب الناس الاستماع إلى أحاديثه، والاستئماس بكلامه، بل وتتولد عندهم القناعات التي قد تبقى في تصوراتهم تجاه قضايا كثيرة بعد رجوعهم من الزيارة.
عن الإمام الصادق (ع): (المؤمن حليم لا يجهل، وإن جهل عليه يحلم، ولا يظلم وإن ظلم غفر، ولا يبخل وإن بخل عليه صبر) الكافي، الكليني، ج٢، ص٢٣٥ ح١٧
سادساً: أن يكون متسامحاً
أن يكون الإنسان المؤثّر حاملاً لروح التسامح، ليناً مع الآخرين في شؤون الحياة المختلفة، حباباً للخير، فالزائر الذي يحمل خلق الإمام الحسين (ع) الذي وسع الخافقين بروحه التسامحية، يكون ذا خلق تسامحني يؤثر في جميع من يلتقي ويحدثه ويمشي معه ويعمل في خدمة الزائرين في معيته.
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) الأنبياء : ١٠٧
سابعاً: أن يكون مظهراً للاحترام
أن يكون الإنسان المؤثر ذا شخصية تحمل الاحترام لذاتها، والثقة بأفكارها، وتحمل تواضعاً واحتراماً للآخرين، فالزائر الذي يحمل الأخلاق الحسنة ويقدّر الآخرين ممن يتعامل معهم في طريق الزيارة، سيكون محلاً لاحترام الآخرين، وبالتالي جذاباً ملفتاً لأنظارهم وأسماعهم، لأنّ الاحترام ممارسة متبادلة، فعندما يحترم الشخص النّاس فإنّهم سوف يبادلونه إيّاه، وهذا ما يخلق في دواخلهم الثقة بهذا الإنسان ويمنحهم الأمان في التعامل معه، والانتفاع بعلمه، والإفادة من الاقتداء به.
عن أمير المؤمنين (ع) عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال في وصيته له: (يا علي ينبغي أن يكون في المؤمن ثمان خصال: وقار عند الهزاهز، وصبر عند البلاء، وشكر عند الرخاء وقنوع بما رزقه الله لا يظلم الأعداء، ولا يتحامل للأصدقاء، وبدنه منه في تعب والناس منه في راحه)
الخصال، الصدوق، ص ٤٠٦
ثامناً: إلا يطلب مقابلاً لعمله
إنّ من أهمّ الأشياء التي تجعل من الشخص مؤثّراً في الآخرين هي ألّا يطلب منهم شيئاً مقابل ما يقدّمه، فالزائر معطاء بماله ووقته وجهده وعلمه ونصائحه للآخرين في كل ما يحتاجون إليه، وهذا من صفات النبل الحسيني التي تكسب ودّ المحيطين به، واحترامهم وبالتالي التأثير فيهم.
قال تعالى: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) الإنسان : ٩
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين
الشيخ عمار الشتيلي
النجف الأشرف
١٠ صفر ١٤٤٥ هج
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية