في مثل هذا اليوم الخامس من جمادى الآخرة نستذكر عبقاً من عبقات الصدر المقدس، حيث أبحرت بي الذاكرة إلى أيامٍ كانت ملؤها الحماسة والالتفاف حول السيد الشهيد الصدر المقدس، والذي كان حامي الدين ومؤسس الحوزة الناطقة التي انتزعت من قلوب محبيها الخوف الذي سعى إلى تجذيره النظام السابق، ليخلق أماناً يفتقده الناس وينعم به قائد ضرورتهم.
وحيث أخذتني ذاكرتي إلى آخر ستة أشهر وأقل منها قبل فاجعة استشهاده على يد أذناب فرعون عصره،
حيث التقينا مع المولى الصدر (قده) في براني السيد وكنا يومها (مجموعة من طلبة الدفعة الأولى أي المرحلة الثانية دراسياً) على سريةٍ تامة، نقلنا بعض الأخبار التي تتناول حديث حركة الشهيد رضوان عليه، وكانت الأخبار كما يلي:
الحدث الأول: خبر نقله أحد الطلبة مفاده أن قناة الجزيرة القطرية ويومها لم يكن الأغلب في العراق يطلعون عليها بسبب منع النطام البعثي امتلاك الناس أجهزة الستلايت. حيث عرضت تقريراً عن أحداث العراق وبالخصوص السيد الصدر وصلاة الجمعة. وكان الخبر فديوياً يبتدأ بنزول السيد الخميني (قده) من الطائرة – أبان انتصار الثورة الإسلامية في إيران – وبعدها استقل السيارة والجماهير والشباب بالذات يحوطون السيارة من كل جانب ويهتفون له بالقيادة والترحيب. لينتقل الفيديو بعدها مباشرةً حينما يدخل السيد الشهيد إلى مسجد الكوفة وكيف تستقبله الجماهير بالهتافات. ثم يسرد حركة السيد الجماهيرية الدينية من خلال الصلاة.
الحدث الثاني : جريدة بحرينية نشرت خبراً عن أحداث العراق تحت عنوان كبير. يملأ الصفحة خميني جديد في العراق والصورة صورة السيد الشهيد بكفن الجمعة.
وكان كلا الخبرين يربطان بين حركة السيد الخميني الدينية الجماهيرية وحركة السيد الشهيد الصدر الدينية والجماهيرية. وفيهما إشعار للنظام الصدامي رغم عداوتهما له ولكنهم يخافون من الامتداد الديني والصحوة الجماهيرية التي قد لا تقف حبيسة الحدود العراقية.
الحدث الثالث: راديو مونتكارلو يعرض تقريراً بعنوان العراق وقوى المعارضة الثلاث واشار التقرير القوة الأولى وهي المعارضة في الخارج التي تسعى بإطاحة النظام. والقوة الثانية الكرد وأشار التقرير إلى أنها لا تفكر بأبعد من حدود العراق الشمالية للمحافظات الكردية. وكانت الحكومة غير آبهةٍ لتلك القوتين وتشعر أنها في مأمنٍ منهما.
وأما القوة الثالثة والتي أطلق عليها التقرير (الثورة البيضاء) التي تقاد من الداخل. إذ لم تستخدم سلاحاً وختم التقرير بأن الأخيرة هي المعول عليها في إسقاط النظام. وكان هذا التقرير قبيل استشهاد السيد بثلاثة أشهر أو أقل بقليل.
الحدث الرابع : ما نقلناه للسيد الشهيد من خلال قريب لأحد طلبتنا وكان ذلك الشخص يشغل سكرتير مدير استخبارات بغداد والمعني بنقل ثمانية عشر تقريراً عن محافظات العراق (يومياً). حيث نقل أنه حضر اجتماعاً مع رئيسه لاجتماعٍ أمني حضرته الأجهزة الأمنية ومحافظ النجف يوم ذاك رأسه الطاغية بنفسه. وكان محور الاجتماع خطر محمد الصدر وتوعد في الاجتماع بنفسه السيد محمد بقتله.
عندما سمع السيد هذه الأخبار والاجتماع قال ما مضمونه (حسب علمي أن البديل لم يكتمل بعد، ولا يرفع الله حجةً إلا باكتمال بديله، وأما اذا اكتمل البديل فحباً وكرمة ومحمد الصدر يقول أهلاً وسهلاً فلا مانع عندي).
آخر المطاف
طلبنا من السيد الشهيد أن يشرفنا بحضوره إلى جامعة الصدر الدينية ووافق السيد الشهيد على الحضور كما موضحاً بالصور وحضر معه أولاده وبعض العاملين في برانيه. وبعد وجبة الغداء المتواضعة قدم أحد طلبتنا مسجلاً صغيراً للحديث. فقال السيد الشهيد لم نتفق على الحديث ، وترجاه الطلبة أي حديث فوافق قائلاً …..
تكملة الوحي في الحلقة القادمة
كتبها: عادل الساعدي
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية