من بين القصائد التي تقرأ في الأيام الفاطمية، قصيدة اعجبتني جدا ولا زلت ارددها في داخلي، لفت انتباهي كلماتها التي تشجع النساء على الحجاب والحياء، وان الزهراء (ع) تتبرأ من المتبرجة، وذات الزينة الظاهرة، وتوصف المحجبة بانها فاطمية، القصيدة كانت (حجابي)، (رسالة الى نساء الجعفرية حياء المرأة من الله هدية، وإذا ما تنستر مو فاطمية، أني فاطمة وكلمة عهد اثبت عليها، كل محجبة ومخالفة اتباهه بيها).
اليوم في مجتمعنا لا نرى الحجاب الفاطمي بين النساء؟، فأصبحن يرتدين العباءة المزخرفة ويتبرجن ويظهرن المفاتن، لو دققنا قليلا في الأحكام الشرعية لوجدنا أول حكم كان أحكام المرأة منها عدم إظهار الزينة أمام الأجنبي، عدم التشبه في الغرب، وغيرها من الأحكام الشرعية.
القرآن الكريم يعطى مثالاً في الحياء باسمه تعالى ((جَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا * فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ * نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ))، في تفسير هذه الآية (فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء)، فَجَاءَتْ إِحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ اللَّتَيْنِ سَقَى لَهُمَا نبي الله موسى تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء مِنْه, قَدْ سَتَرَتْ وَجْههَا بِثَوْبِهَا (تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء)، قَالَ: أَتَتْهُ تَمْشِي عَلَى اِسْتِحْيَاء مِنْهُ، وقيل واضعة كُمَّ درعها على وجهها حياء منه.
والقصة بدأت عندما رجعت المرأتان إلى أبيهما، فسألهما عن خبر السقاية، فقصتا عليه ما فعل الشاب وكيف كان امينًا معهم ، فبعث إحداهما إليه لتدعوه، جاءت مستترة تمشي بحياء (قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا)، عبارة جميلة وواضحة لم تطلب منه ان يدخل الدار او تحدثه نيابة عن أبيها حتى لا تقع في ريبة، وجزاء اجر السقاية مكافاته واثابته.
فأجابها منكراً في نفسه أخذ الأجرة، فمشت بين يديه فجعلت الريح تضرب ثوبها فتكشف ساقيها فقال لها: امشي خلفي ودليني على الطريق ففعلت إلى أن جاء أباها وهو شعيب (عليه السلام) فقال: اجلس وشاركنا في الطعام قال: أخاف أن يكون عوضاً مما سقيت لهما وإنا أهل بيت لا نطلب على عمل خير عوضاً؟.
قال: لا، عادتي وعادة آبائي نكرم الضيف فأكل معنا (فلما جاءه وقص عليه القصص)، فقص عليه نبأ حياته، وما جرى له من السبب الذي خرج من أجله من مصر، ولهذا رد شعيب (عليه السلام) الذي (نجوت من القوم الظالمين)، إذا لا سلطان لفرعون على مدين.
(قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين)، أي قالت إحدى بنات شعيب استأجره هذا الرجل لرعية هذه الغنم، فقال لها : وما علمكِ بذلك؟ قالت له: إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال، وإن لما جئت معه تقدمت أمامه فقال له: كوني من ورائي، فإذا اختلف عليّ الطريق فاحذفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه.
طلب شعيب (عليه السلام) من موسى أن يرعى غنمه ويزوجه إحدى ابنتيه، وقيل اسمائهن (صفوره، وليا)، (قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين) وقوله تعالى: (على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشراً فمن عندك)، أي على أن ترعى غنمي ثماني سنين، فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك، وإلا ففي الثمان كفاية، (وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء اللّه من الصالحين) أن موسى (ع) أكمل الأجلين وأتمهما.
وكما قال نبينا محمد (ص): (الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من شعب الايمان).
الحياء في اقوال الامام علي (ع): (الحياء مفتاح كل شيء)، (الحياء قرين العفاف)، (من لم يستحِ من الناس لم يستحِ من الله سبحانه)، (أحسن الحياء استحياؤك من نفسك).
عن رسول الله (ص) أنّه قال: “أيّها الناس إنّ الله يحبّ من عباده الحياء والستر فإيكم اغتسل فليتورا من الناس فإنّ الحياء زينة الإسلام”.
لا شيء في الوجود يرفع قدر المرأة كالعفة.. تزداد المرأة جمالاً كلما ازدادت حياءً، يتعدى مفهوم الحياء لمعاني كثيرة منها حياء النفس من الذنب، حياء العين من النظر الى محرم الله ليه، كما هو الواضح من الروايات والاحاديث المتواترة في الموضوع، الحياء لغة: مشتق من الحياة، ويدور معناه حول التوبة والحشمة والتغير الذي يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به قال في اللسان العرب: الحياء: التوبة والحشمة، واستحياء، واستحى حذفوا الياء الأخيرة كراهية التقاء الياءين، للعرب في هذا الحرف لغتان، يقال: استحى الرجل يستحي بياء واحدة، واستحيا فلان يستحيي بياءين ، والقرآن نزل بهذه اللغة الثانية في قول الله ، إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [ (البقرة: 26)، ورجل حيي : ذو حياء بوزن فعيل، وامرأة حيية، واستحيا الرجل واستحيت المرأة، وقوله: وإني لأستحيي أخي أن أرى له علي من الحق الذي لا يرى ليا.