حياة السيدة فاطمة (عليها السلام) ما بعد الهجرة: أ.د. بشير هادي الطائي
عندما استقرّ أمر المسلمين بعض الشيء في المدينة، ودخلت السنة الثانية من هجرة الرسول (ص) تقدّم لخطبتها أكابر قريش من أصحاب الشرف والمال والفضل، فكان النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يردّهم بوجهه الكريم ويقول: “أنتظر أمر الله بها”. ثم قال (ص) لهم: إنما أنا بشر مثلكم أتزوج فيكم وأزوجكم، إلا فاطمة (ع) فأن تزويجها ينزل من السماء.
وبعد أن تقدّم الإمام عليّ (عليه السلام) لخطبتها نال بركة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وموافقته، ووافقت السيدة فاطمة (عليها السلام) على زواجها منه (عليه السلام)، وقد كان أمر زواجهما من السماء، حيث قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للإمام عليّ (عليه السلام): “أبشِرْ يَا عَلِيُّ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ بِفاطمة فِي السَّمَاءِ قَبْلَ أَنْ أُزَوِّجَكَهَا فِي الْأَرْض” فتمَّ الزواج المبارك. وقد ولدت له (عليهما السلام) خمسة أولاد هم: الإمام الحسن (عليه السلام)، والإمام الحسين (عليه السلام)، ثمّ السيدة زينب وأمّ كلثوم ثمّ المحسن الذي أُسقطَ جنيناً.
لقد رافقت السيدة فاطمة (ع) أباها (ص) في حجّة الوداع، فبعد إتمام شعائر الحجّ وحين الوصول إلى غدير خمّ، نزل عليه الأمر الإلهي: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾. وكان الأمر هو إبلاغ المسلمين بولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام). وشهدت الزهراء (ع) مبايعة المسلمين للإمام عليّ (عليه السلام).
وبعد هذا الأمر الإلهيّ أُمِرَ رسول الله (ص) بالصلاة، فصلّاها بحرارة شمس الظهيرة وظُلّل عليه الناس من الشمس، فخطب فيهم (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال:(إنّي أوشك أن أُدعى فأجيب.. ألستم تعلمون أنّي أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: بلى… فأخذ بيد عليّ (ع) وقال: اللهم من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه وعادِ من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله).
وبعد أن تمَّ البلاغ بولاية علي (عليه السلام)، نزلت الآية الكريمة: ﴿الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْن،ِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا﴾.
وكانت السيدة فاطمة (عليها السلام) على طول الواقعة تتابع الأحداث والمواقف، لتكون شاهدةً على الولاية للإمام علي (ع) ومساندةً لمن بايعه من المسلمون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشيخ الكليني، ثقة الإسلام أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق ، 1363 هـ ، الكافي ، الجزء الخامس، تحقيق علي أكبر الغفاري، مطبعة الحيدري، دار الكتب الإسلامية، طهران- إيران، ص568.
ابن شهرآشوب المازندراني، محمد بن علي، 1421 هـ ، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام، الجزء الثالث، الطبعة الأولى، قم المقدسة – إيران ، ص 345. وكذلك : العلامة المجلسي، بحار الأنوار ، ج43، مصدر سابق، ص 233.
سورة المائدة، الآية 67.
الهيثمي، نور الدين علي بن أبي بكر، 1988 ، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، الجزء التاسع ، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان ، ص 104.
سورة المائدة، الآية 3.
يمكنك الاشتراك على قناتنا على منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية