تبقى الأمة سعيدة ما دامت ملتفتة إلى عظمة ليلة القدر والقرآن الذي نزل فيها وملتزمة به ومستفيدة منه، وإلا فإنه لا يغنيها ما أصابته من عرض الدنيا وحطامها.
ولا يعني هذا أن الإنسان يتكاسل في أيامه كلها ويتهاون ويفرغ نفسه في الليالي المحتملة لليلة القدر فهذا لا يناسب العاملين الراغبين فيما عند الله تبارك وتعالى، ولا أن ييأس إذا لم يشعر أنه قد وفق لإحياء ليلة القدر، لأن هذه الليلة وشهر رمضان وغيرها من أبوب اللطف الإلهي إذا انقضت فإن رب شهر رمضان ورب ليلة القدر باقٍ ورحمته واسعة، فإن نفس هذا المعنى الذي شرحناً به الآية ورد في موضوع آخر ففي الرواية (تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة) وهو مضافاً إلى معناه المنسبق إلى الذهن وهو أن التفكير والتأمل والفهم هو حقيقة العمل والغاية المنشودة منه لا الحركات الخارجية التي إنما تكتسب قيمتها من محتواها وهو التفكر والتأمل المنتج للخشوع والحب والرغبة والرهبة.
فإن للحديث معنى آخر كالذي ذكرناه عن ليلة القدر وهو أن الإنسان قد يقف ساعة للتفكر والمراجعة والتحقيق في مسيرة حياته وهدفه الذي يريد أن يصل إليه ونيته في أعماله والقيادة التي يرجع إليها في أمور، وإذا به يتخذ قراراً يقلب كل مسيرة حياته ويغير وجهتها إلى الهدف الصحيح، فتكون هذه الساعة من المراجعة والتأمل خيراً من كل ما يؤديه خلال حياته عن غير بصيرة وهدى وكان يظن أنه يحسن صنعاً..
سماحة المرجع الديني آية الله العظمى
الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله)
خطاب المرحلة (261) … ليلة القدر خير من ألف شهر
http://yaqoobi.com/arabic/index.php/permalink/2541.html