خطوة نحو اوربا الشرق
محمد موسى اليعقوبي العالم والفقيه
مجموعة الاراء الفقهية والعلمية والسياسية
الحلقة الأولى
د .صادق نعيم العطية
من النادر جداً ان نرى آراء علميه لفقيه مسلم تٌناقش في الندوات الغربية وقد غابت تلك النقاشات بمضامينها العلمية منذ سنوات طويله حيث غلبت العلوم والثقافات الغربية في العصر الحديث على العلوم العربية والإسلامية مع ان الغالب منها كان يستند إلى آراء وعلوم ثلة كبيرة من اولئك العلماء المسلمين الذين أغنوا المكتبات الغربية بآرائهم وفلسفاتهم وعلومهم أمثال الفارابي وابن سينا وجابر بن حيان وابن الهيثم وغيرهم لذلك فأثناء حضوري في ندوة فكرية في روسيا عن الآراء العلمية والسياسية للفقيه العالم الشيخ المهندس اية الله العظمى محمد موسى اليعقوبي وهو من علماء النجف الذين اشتهروا بالعلم والمعرفة ومن الذين جمعوا بين العلوم الأكاديمية والعلوم الدينية فهو المهندس الحاصل على شهادة الهندسة المدنية من جامعة بغداد والعالم الفقيه المجتهد في حوزة النجف الدينية وقد انصب البحث على اهم كتبه في فقه الرياضيات وهو كتاب ( الرياضيات للفقيه ) والتي جمع بها بين الفقه وعلوم الرياضيات وقد عكف مجموعة من الباحثين على ترجمته كتابه ومناقشة آرائه وقد انبرى إلى ذلك العلم لكونه أوسع العلوم انتشاراً وأكثرها تداخلاً مع العلوم الأخرى كما ذكر هو في مقدمته للكتاب وقد انتهل من تلك العلوم ليضيف لها المرتكزات في الفقه والعلوم الأخرى وكيف وضع هذا العالم الفقيه الشيخ محمد اليعقوبي الرياضيات في مسلك الآراء الفقهية المعاملاتية في جوانب الإرث واحتساب النسب في الحقوق الشرعية ( الخمس والزكاة ) من الأموال المعلومة والمجهولة ودفع الشبهات والأخطاء الحسابية في احتساب أصول رأس المال وكذلك في مسائل الشراكة واحتساب رأس المال والربح والخسارة وبما له وجود خارجي وحقيقي في علوم المال والاقتصاد وهو ما ينفرد به الشيخ اليعقوبي حيث استخدم الرياضيات لتدعيم المسائل الفقهية وتعزيزها بما يضمن حقوق الفرد سواء في التجارة والشراكات والمال والعقود وسائر المعاملات وحتى في جوانب الحياة العملية وكذلك تطرق المؤلف العالم الى العلاقات العكسية والطردية وأثرها في سوق العمل والإنفاق والبيع والربح ومن الطريف ان الكتاب في احد مضامينه يتعرض إلى حساب سرعة إلقاء الفرد العاصي في وادي جهنم كمثال للمنظور الحسابي الرياضي في حساب سرعة ومسافة السقوط في تحليل رياضي وحسابي لرواية سقوط المذنبين يوم القيامة في وادي ويل الجهنمي وأثر الجاذبية واحتساب السرعة والتعجيل والزمن في ذلك الحساب ليصل بالتالي إلى رقم مرعب في عالم الرياضيات وهو ( ١٢ مليون كم في الثانية ) وأما عمق الوادي فيكون ( ٧.٦ ) ألف مليون مليون كم وهو عمق هائل ومخيف ولم يتطرق إلى كشفه عالم دين في السابق وإنما هو ضرب لنا مثلاً لاحتساب العمق وسرعة نزول الشيء في علم الرياضيات ليستفاد من تلك الحسابات في حياتنا اليومية مثل احتساب عمق حفرة مجهولة من خلال إلقاء حجر فيها واحتساب مدة وصول الحجر وسرعته لمعرفة عمق تلك الحفرة كما انه استخدم آرائه المناسبة في الزوايا وطول القوس من محيط الدائرة لبيان مقدار المسافة في تحديد حدود الترخص والسماح في ميول وانحراف قبلة المصلي المسلم في اتجاهات الصلاة كما انه طرح إشكالياته في علم المثلثات والنسب المثلثية وهو طرح علمي رياضي زجه المؤلف لتأطير نظريته لبيان مناشئ الاختلاف في النسب المثلثية بين زاوية وأخرى وضرورة التفريق بين قيمة الزاوية واسم الزواية وكون قيمة الزاوية مقدارها في المثلث قائم الزاوية وهو رقم خالي من الإشارة ( أي مجرد ) وأسم الزاوية هو بعدها عن خط الأصل وهو الذي يحدد الإشارات و يبان كيف ان اثر هذا التوافق الحسابي كبير جداً في الحياة العملية خصوصاً في تحليل القوى والذي يدخل في علوم عديدة ومن الملفت للنظر في كتابه هذا هو تطرقه لاحتساب مساحة العمل والثمن كمثال في طريقة احتساب العمق في حساب المساحة المعمولة والدقة في التمييز بين الشكل في احتساب العمق والمسافة في العمل وهو امر ينم عن مدى علمية الكاتب في مجال الرياضيات والفقه في ان واحد وكيفية تسخيره علم الرياضات في وضع الأحكام الشرعية في المعاملات وهو نادر في الحوزات العلمية ولا يلتفت إليها إلا من درس الرياضيات الحديثة واستوعب أصول العمليات وعرف كيفية اشتقاق القوانين وهو ما يمكن الفقيه أوالمتعبد من الابتعاد عن طريقة الاحتساب القديمة ( والتي يمكن ان يكون فيها إشكالات فقهية وعلميّة )تضع الفقيه والمتعبد في مواضع البطلان والخطأ في عمليات التعبد والإفتاء كما ان الكتاب تناول تحديث وحدات القياس القديمة بما يتناسب من الوحدات الحديثة في العلم الحديث مثل الذراع والمد والشبر والفرسخ وغيرها من وحدات القياس التي اهملت بفعل المقاييس العلمية الحديثه والوحدات المتداولة حالياً مثل الكيلو متر والميل والقدم وغيرها وكذلك وحدات الكيل والأوزان القديمة مثل الدينار والدرهم والأوقية والمثقال الصيرفي والصاع وغيرها من الوحدات المالية والوزنية والتي استعيظ عنها بالوحدات الحديثة مثل القيراط والغرام والرطل وذلك من اجل بيان الحدود الشرعية في الاستيفاء النقدي والمعاملات التجارية كما من الملفت أن للعالم الفقيه نظريته في (الترف الفكري ) وهو ما يجعل مجموعة من الأفكار تتوشح بمفردات عقلية وأدبية تسمح للمتلقي بإيداع مفردات ذلك الفقيه وآرائه في عقول كل من يقرأ نظرياته .