23/10/2021، تزامناً مع الذكرى العطرة لولادة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وتحت شعار (المسجد يقود الحياة)، أقامت الإدارة المركزية المشرفة على مكاتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمى الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) في العراق، مؤتمرها السنوي الأول لأئمة المساجد.
وحثّ سماحة المرجع اليعقوبي، في كلمة له، “أئمة المساجد على استثمار فرص الطاعة التي تختزنها المساجد وعدم التفريط بها، لأن فيها من البركات والخيرات ما يصعب استقصائه وإحصائه”، مؤكداً “أهمية إعمار المساجد مادياً ومعنوياً لما لها فيها من مفاتيح للخير والرحمة، فضلاً عن كونها منطلقاً للعمل الإسلامي الهادف إلى بناء الإنسان والمجتمع المسلم”، مستشهداً “بما افتتح به رسول الله (صلى الله عليه وآله) أعماله عند وصوله إلى المدينة المنورة، حيث بنى (صلوات الله عليه وآله) المسجد ليكون مركزاً للقيادة ومنطلقاً لدعوته المباركة”.
وبيّن، “بعض الوجوه التفسيرية المستفادة من قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ) (البقرة:167)، حيث تصوِّر الآية مشهداً من مشاهد القيامة، حيث يتبرأ الزعماء والرؤساء والقادة والمتبوعون عموماً من أتباعهم ويتنصّلون عما سبّبوه لهم من ضلال وانحراف وفساد، والتضحية من أجلهم بالأموال والأنفس وتنفيذ قراراتهم الحمقاء، فيتمنى الأتباع لو يرجعون الى الدنيا ليتبرأوا من هؤلاء الزعماء، بعد أن انكشف لهم خداعهم ومكرهم والسراب الذي توهمّوه (لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا) (البقرة:167)”، مضيفاً أن “أولئك الأتباع حينما تنكشف لهم حقيقة أعمالهم سيرونها حسرات (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ) (البقرة:167)، والحسرة في فهم العرف أشد مراتب الندامة والأسف المصحوبة بغم شديد على ما مضى وفات من أفعال سيئة ارتكبوها، أو أعمال خير تركوها وقصّروا فيها وأوهام زائفة تعلّقوا بها وفرص للطاعة لم يغتنموها”.
وقال سماحته: إن “الآية الكريمة تبين أن هؤلاء الناس كانوا قادرين على أن يكونوا أخياراً وفي حال أفضل مهما ادّعوا من عدم استطاعتهم ذلك، أو قدّموا من أعذار ومبررات ولذا أصابتهم الحسرة ولو كان الذي حصل منهم خارجاً عن اختيارهم وفوق استطاعتهم لما صحّ التحسر عليه كأي فعل يستحيل القيام به”، منوهاً إلى أن “الأعمال الموجبة للحسرة كثيرة غير قابلة للحصر، فإن كل تقصير في حق الله تعالى بترك طاعة أو ارتكاب معصية يوجب الحسرة، قال تعالى (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (الزمر:56)”.
وأوضح، “أمرين مستفادين من الآية الكريمة: أولهما: اغتنام كل فرصة للطاعة وعدم إضاعتها، فإن إضاعة الفرصة غصّة وحسرة، عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال:(إن أعظم الناس يوم القيامة حسرة من وصف عدلاً ثم خالفه إلى غيره)، وأن لا نستصغر أي خطيئة ولا نقلّل من شأن أي طاعة، وأعظمها بركة الإحسان إلى الإخوان، وثانيهما: عيش حالة الحسرة والندامة في هذه الدنيا على كل ما فاتنا من خير وما وقعنا فيه من سوء وعلى كل ما صدر من قصور وتقصير، ليدفعنا ذلك إلى التدارك والإصلاح ما دامت فرصتهما موجودة في هذه الدنيا”.
وأشار سماحته، إلى أن “هذا التحسر والتأسف في الدنيا مثمر ومنتج، أما عدم الإحساس به وتأخيره فأنه يعني استحالة الحصول على فائدة منه بعد الموت كما نطقت به الآية محل البحث، وحكى الله تعالى عنهم (قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا) (المؤمنون :99 – 100)”، لافتاً إلى “التحسّر والألم الذي تطفح به أدعية أهل البيت (عليهم السلام) ومناجاتهم عند الانتهاء من المواسم العبادية، كشهر رمضان والحج رغم أنهم استثمروها بأعلى أشكالها، وهو ما يشعر به المؤمنون الموالون أيضاً عند الانتهاء من خدمة زوار الإمام الحسين (عليه السلام) في الأربعينية وغيرها من المناسبات الدينية، فيبكون متأسفين رغم ما قدموه من خدمات جليلة”.
يمكنك الاشتراك أيضا على قناتنا في منصة يوتيوب لمتابعة برامجنا على: قناة النعيم الفضائية